للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج أبو داود في "المراسيل" عن عكرمة: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة مقتولة بالطائف، فقال: "ألم أَنْهَ عن قتل النساء؟ مَنْ صاحبها؟ "، فقال رجل: أنا يا رسول الله أردفتها، فأرادت أن تصرعني، فتقتلني، فقتلتُها، فأَمَر بها أن تُوارى. ذَكَره في "الفتح".

(فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ النِّسَاء، وَالصِّبْيَانِ) قال بعضهم: هذا الحكم من ميزات الإسلام البارزة، فإنه أول من حَكَم بحرمة قتل النساء، والصبيان حين كان الناس يعتدون عند الحرب على النساء، والشيوخ، والوِلدان، ولم تكن في العالم أمة أكثر احتفاظًا بهذا الحكم، وأعظم اعتناءً به من الأمة الإسلاميّة. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء، والصبيان، إذا لم يقاتِلوا، فإن قاتَلوا قال جماهير العلماء: يُقْتَلون، وأما شيوخ الكفار، فإن كان فيهم رأي قُتِلوا، وإلا ففيهم، وفي الرهبان خلاف، قال مالك، وأبو حنيفة: لا يُقْتَلون، والأصح في مذهب الشافعيّ قَتْلهم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء، والصبيان" هذا اللفظ عامّ في جميع نساء أهل الكفر، فتدخل فيهم المرتدة وغيرها، وبه تمسَّك أبو حنيفة في منع قتل المرتدة، ورأى الجمهور أنه لم يتناول المرتدة لوجهين:

[أحدهما]: أن هذا العموم خرج على نساء الحربيين، كما هو مبيَّن في الحديث.

[الثاني]: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن بَدَّل دينه فاقتلوه"، وفي المسألة أبحاث تُعلَم في علم الخلاف.

قال القاضي عياض: أجْمَع العلماء على الأخذ بهذا الحديث في ترك قتل النساء، والصبيان، إذا لم يقاتِلوا.

واختلفوا إذا قاتَلوا، فجمهور العلماء وكافة من يُحفظ عنه على أنهم إذا


(١) "تكملة فتح الملهم" ٣/ ٣٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٤٨.