للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بها، فإذا خَرِبت تضرّهم بخلاف المدينة، فإنها في غُنية عن أرض بني النضير بغيرها، كخيبر ونحوها، فيتجه بعض اتجاه، لكن إذا تعارضا كان ما في "الصحيح" أصحّ.

ويَحْتَمِل إن كان ما قال أبو عمرو الشيبانيّ محفوظًا أن أبا سفيان بن الحارث ضَمَّن في جوابه بيتًا من قصيدة حسان، فاهتدمه، فلما قال حسان: "وهان على سراة بني لؤيّ" اهتدمه أبو سفيان، فقال: "وعَزّ على سراة بني لؤي"، وهو عمل سائغ، وكأن من أنكر ذلك استبعد أن يدعو أبو سفيان بن الحارث على أرض الكفرة مثله بالتحريق في قوله: "أدام الله ذلك من صنيع".

والجواب عنه أن اسم الكفر، وإن جَمَعهم لكن العداوة الدينية كانت قائمة بينهم، كما بين أهل الكتاب وعبدة الأوثان من التباين، وأيضًا فقوله: "وحرّق في نواحيها السعير" يريد بنواحيها المدينة، فيرجع ذلك دعاء على المسلمين أيضًا.

ولكعب بن مالك في هذه القصة قصيدة على هذا الوزن والرَّوِيّ أيضًا ذكرها ابن إسحاق، أولها:

لَقَدْ مُنِيَتْ بِغَدْرَتهَا الْحُبُورُ … كَذَاكَ الدَّهْرُ ذُو صَرْفٍ يَدُورُ

يقول فيها:

فَغُودِرَ مِنْهُمْ كَعْبٌ صَرِيعًا … فَذَلَّتْ عِنْدَ مَصْرَعِهِ النَّضِيرُ

يشير إلى كعب بن الأشرف الذي قُتِل، وفيها:

فَذَاقُوا غِبَّ أَمْرِهِمْ وَبَالًا … لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ بَعِيرُ

فَأُجْلُوا عَامِدِينَ بِقَيْنُقَاعٍ … وَغُودِرَ مِنْهُمْ نَخْلٌ وَدُورُ (١)

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٤٥٤٤] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ).


(١) "الفتح" ٩/ ٩١ - ٩٢، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٣٢).