للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على وجه الأرض، وعلى وجه الأرض، وعلى الطريق. انتهى (١).

(فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ) ولفظ البخاريّ: "فجاءت النار، فأكلتها"، قال النوويّ رحمه الله: هذه كانت عادةَ الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - في الغنائم، أن يجمعوها، فتجيء نار من السماء، فتأكلها، فيكون ذلك علامة لقبولها، وعدم الغلول، فلما جاءت في هذه المرّة، فأبت أن تأكلها عُلِم أن فيهم غلولًا، فلما ردُّوه جاءت فأكلتها، وكذلك كان أمر قربانهم، إذا تُقُبِّل جاءت نار من السماء، فأكلته. انتهى (٢).

قال الحافظ رحمه الله: ودخل في عموم أكل النار: الغنيمة، والسبيُ، وفيه بُعْدٌ؛ لأن مقتضاه إهلاك الذرية، ومن لم يقاتل من النساء، ويمكن أن يُسْتَثنَوْا من ذلك، ويلزم استثناؤهم من تحريم الغنائم عليهم، ويؤيده أنهم كانت لهم عبيد، وإماء، فلو لم يجز لهم السبي لَمَا كان لهم أرقّاء، ويُشكل على الحصر أنه كان السارق يُسْتَرَقّ، كما في قصة يوسف عليه السلام. قال: ولم أر من صرح بذلك. انتهى (٣).

(فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا) وللبخاريّ: "ثمّ أحل الله لنا الغنائم"، وفي رواية النسائيّ: "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: إن الله أطعمنا الغنائم؛ رحمةً رحِمناها، وتخفيفًا خفّفه عنّا".

(ذَلِكَ) الإشارة إلى حلّ الغنائم لنا، مع تحريمه على من قبلنا، (بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَأَى ضَعْفَنَا)، بفتح الضاد، وضمّها، وفي رواية سعيد بن المسيِّب: "لَمّا رأى من ضعفنا"، (وَعَجْزَنَا، فَطَيَّبَهَا لَنَا) لفظ البخاريّ: "فأحلّها لنا"، والحديث نصّ في إباحة الغنائم لهذا الأمة زادها الله شرفًا، وأنها مختصّة بذلك.

وقال القرطبيّ رحمه الله: كانت سُنَّة اللُه تعالى في طوائف من بني إسرائيل أن يسوق لهم نارًا، فتأكل ما خَلَص من القرابين في قربانهم، وغنائمهم، فكان ذلك الأكل علامة قبول ذلك المأكول، حكاه السُّديّ وغيره، وهو الذي يدل


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٣٩ - ٣٤٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥٢ - ٥٣.
(٣) "الفتح" ٧/ ٣٨٦، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٢٤).