للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحارث، ويقال: عمرو، أو النعمان بن رِبْعيّ - بكسر الراء، وسكون الموحّدة، بعدها مهملة - ابن بُلْدُمة - بضمّ الموحّدة، والمهملة، بينهما لام ساكنة - السَّلَميّ - بفتحتين - الصحابيّ الشهير - رضي الله عنه -، أنه (قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ) بالتصغير؛ أي: سنة وقعة حُنين، وهو وادٍ بين مكة والطائف، وهو مذكّر منصرف، وقد يؤنث على معنى البقعة، وقصة حنين أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة في رمضان سنة ثمان، ثم خرج منها لقتال هوازن، وثقيف، وقد بقيت أيام من رمضان، فسار إلى حُنين، فلما التقى الجمعان انكشف المسلمون، ثم أمدّهم الله تعالى بنصره، فعطفوا، وقاتلوا المشركين، فهزموهم، وغَنِموا أموالهم وعيالهم، وسيأتي قريبًا بيان قصّتها مفصّلة - إن شاء الله تعالى -.

(فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ)؛ - بفتح الجيم، وسكون الواو - أي: حركة فيها اختلافٌ، وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "جَوْلة" - بفتح الجيم -؛ أي: انهزام، وخِيفة، ذهبوا فيه، وهذا إنما كان في بعض الجيش، وأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطائفة معه فلم يُوَلُّوا، والأحاديث الصحيحة بذلك مشهورة، وسيأتي بيانها في مواضعها، وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يقال: انهزم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرو أحد قطّ أنه - صلى الله عليه وسلم - انهزم بنفسه في موطن من المواطن، بل ثبتت الأحاديث الصحيحة بإقدامه - صلى الله عليه وسلم - وثباته في جميع المواطن. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١)، وهو تحقيق حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا)؛ أي: ظهر عليه، وأشرف على قتله، أو صرعه، وجلس عليه لقتله، (رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قال الحافظ رحمه الله: لم أقف على اسمهما. (فَاسْتَدَرْتُ إِلَيْهِ) وفي رواية للبخاريّ: "فاستدبرت" (حَتَّى أتيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ) وفي رواية الليث: "نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلًا من المشركين، وآخر من المشركين يَخْتِله" - بفتح أوله، وسكون الخاء المعجمة، وكسر المثناة -؛ أي: يريد أن يأخذه على غِرّة، وتبيّن من هذه الرواية أن الضمير في قوله: "حتى أتيته من ورائه، فضربته" لهذا الثاني


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥٨.