للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم كان ذلك مقررًا عند الصحابة، كما رَوَى مسلم من حديث عوف بن مالك في قصته مع خالد بن الوليد، وإنكاره عليه أخذه السلب من القاتل … يأتي الحديث بطوله.

وكما رَوَى الحاكم، والبيهقيّ بإسناد صحيح، عن سعد بن أبي وقاص، أن عبد الله بن جحش قال يوم أُحد: تَعَالَ بنا ندعو، فدعا سعد، فقال: اللهم ارزقني رجلًا شديدًا بأسه، فأقاتله، ويقاتلني، ثم ارزقني عليه الظفر، حتى أقتله، وآخذ سلبه … الحديث.

وكما رَوَى أحمد بإسناد قويّ، عن عبد الله بن الزبير، قال: كانت صفية في حِصْن حَسّان بن ثابت يوم الخندق، فذكر الحديث في قصة قتلها اليهوديّ، وقولها لحسان: انزِل، فاسلبه، فقال، ما لي بسلبه حاجة.

وكما رَوَى ابن إسحاق في "المغازي" في قصة قتل عليّ بن أبي طالب عمرو بن عبد وَدّ يوم الخندق أيضًا، فقال له عمر: هلا استلبت درعه، فإنه ليس للعرب خير منها، فقال: إنه اتّقاني بسوأته.

وأيضًا فالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك يوم حنين بعد أن فرغ القتال، كما هو صريح في حديث أبي قتادة المذكور هنا حتى قال مالك: يُكره للإمام أن يقول: مَن قتل قتيلًا فله سلبه؛ لئلا تضعف نيات المجاهدين، ولم يقل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك إلا بعد انقضاء الحرب.

وعن الحنفية: لا كراهة في ذلك، وإذا قاله قبل الحرب، أو في أثنائها استَحَقّ القاتل. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من الأدلّة أن ما ذهب إليه الجمهور من أن القاتل يستحقّ السلب مطلقًا، سواء قال ذلك الإمام أم لا هو الأرجح؛ لوضوح حجّته، كما سمعت، وأيضًا لا يُخمّس السّلَب، كما هو رأي البخاريّ رحمه اللهُ في "صحيحه"، حيت ترجم بقوله: "باب من لم يُخَمِّس الأسلاب"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ٧/ ٤٢٣ - ٤٢٤، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٤١).