للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال مكحول، ومالك، والأوزاعيّ: يُخمَّس، وهو قول ضعيف للشافعيّ.

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وإسحاق بن راهويه: يخمس إذا كَثُر، وعن مالك روايةٌ اختارها إسماعيل القاضي: أن الإمام بالخيار، إن شاء خمسه، وإلا فلا. انتهى كلام النوويّ رحمه اللهُ (١).

وقال في "الفتح" ما حاصله: ذهب الجمهور إلى أن القاتل يستحقّ السلب، سواء قال أمير الجيش قبل ذلك: من قتل قتيلًا، فله سلبه، أو لم يقل ذلك، وهو ظاهر حديث أبي قتادة المذكور هنا، وقالوا: إنه فتوى من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإخبار عن الحكم الشرعيّ، وعن المالكية، والحنفية: لا يستحقه القاتل إلا إن شرط له الإمام ذلك، وعن مالك: يخيَّر الإمام بين أن يعطي القاتل السلب، أو يخمسه، واختاره إسماعيل القاضي، وعن إسحاق: إذا كثرت الأسلاب خُمست، وعن مكحول، والثوريّ: يخمس مطلقًا، وقد حُكي عن الشافعيّ أيضًا، وتمسكوا بعموم قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: ٤١]، ولم يستثن شيئًا.

واحتجّ الجمهور بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلًا، فله سلبه"، فإنه خصص ذلك العموم.

وتُعُقِّب بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: من قتل قتيلًا فله سلبه إلا يوم حنين، قال مالك: لم يبلغني ذلك في غير حنين.

وأجاب الشافعيّ وغيره بأن ذلك حُفِظ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في عدّة مواطن:

منها: يوم بدر، كما في قصّة قتل أبي جهل، حيث سلّم - صلى الله عليه وسلم - سلبه لمعاذ بن عمرو.

ومنها: حديث حاطب بن أبي بلتعة أنه قتل رجلًا يوم أُحد، فسَلَّم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلبه، أخرجه البيهقيّ.

ومنها: حديث جابر - رضي الله عنه - أن عَقِيل بن أبي طالب قَتل يوم مؤتة رجلًا، فنَفّله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - درعه.


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥٨ - ٥٩.