للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الباقين، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أسلفت قريبًا، أن الأرجح عندي قول من اشترط البيّنة؛ لظاهر هذا الحديث، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم السَّلَب:

قال النوويّ رحمه اللهُ: اختلف العلماء في هذا، فقال الشافعيّ، ومالك، والأوزاعيّ، والليث، والثوريّ، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، وابن جرير، وغيرهم: يستحق القاتل سلب القتيل في جميع الحروب، سواء قال أمير الجيش قبل ذلك: مَن قَتَل قتيلًا، فله سلبه، أم لم يقل ذلك، قالوا: وهذه فتوى من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإخبار عن حكم الشرع، فلا يَتوقف على قول أحد.

وقال أبو حنيفة، ومالك، ومن تابعهما - رحمهم الله تعالى -: لا يستحق القاتل بمجرد القتل سلب القتيل، بل هو لجميع الغانمين، كسائر الغنيمة، إلا أن يقول الأمير قبل الققال: مَن قتل قتيلا فله سلبه، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقًا من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس بفتوى، وإخبارٍ عامٍّ، وهذا الذي قالوه ضعيف؛ لأنه صَرَّح في هذا الحديث بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال هذا بعد الفراغ من القتال، واجتماع الغنائم - والله أعلم -.

ثم إن الشافعيّ رحمه اللهُ يشترط في استحقاقه أن يغزو بنفسه في قتل كافر، ممتنِع في حال القتال، والأصح أن القاتل لو كان ممن له رَضْخٌ، ولا سهمَ له، كالمرأة، والصبيّ، والعبد، استَحَقَّ السلب.

وقال مالك رحمه اللهُ: لا يستحقه إلا المقاتِل.

وقال الأوزاعيّ، والشاميون: لا يستحق السلب إلا في قتيل قتله قبل التحام الحرب، فأما من قَتَل في التحام الحرب، فلا يستحقه.

قال: واختلفوا في تخميس السلب، وللشافعيّ فيه قولان: الصحيح منهما عند أصحابه لا يُخمس، وهو ظاهر الأحاديث، وبه قال أحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وآخرون.


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥٩ - ٦٠.