للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "والرجلان … إلخ" هكذا رواه البخاريّ ومسلم، من رواية يوسف بن الماجشون، وجاء في "صحيح البخاريّ أيضًا من حديث إبراهيم بن سعد، أن الذي ضربه ابنا عفراء، وذكره أيضًا من رواية ابن مسعود، وأن ابني عفراء ضرباه حتى بَرَدَ، وذكر ذلك مسلم بعد هذا، وذكر غيرهما أن ابن مسعود - رضي الله عنه - هو الذي أجهز عليه، وأخذ رأسه، وكان وجده وبه رَمَقٌ، وله معه خبر معروف، قال القاضي عياض: هذا قول أكثر أهل السير.

قال النوويّ: يُحْمَل على أن الثلاثة اشتركوا في قتله، وكان الإثخان من معاذ بن عمرو بن الجموح، وجاء ابن مسعود بعد ذلك، وفيه رَمَقٌ، فَحَزَّ رقبته. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "والرجلان: معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ ابن عفراء" هكذا الصحيح، وقد جاء في البخاريّ من حديث ابن مسعود: أن ابني عفراء ضرباه حتى برك، وكأن هذا وَهَم من بعض الرواة لحديث ابن مسعود، وسبب هذا الوهم أن عفراء هذه من بني النجار، أسلمت وبايعت، وكان أولادها سبعة، كلهم شَهِد بدرًا، وكانت عند الحارث بن رفاعة، فولدت له معاذُا، ومعوّذًا، ثم طلقها، فتزوَّجها بكير بن عبد ياليل، فولدت له خالدًا، وإياسًا، وعاقلًا، وعامرًا، ثم طلقها فراجعها الحارث، فولدت له عوفًا، فشهدوا كلهم بدرًا، فكأنه التبس على بعض الرُّواة معاذ بن عمرو بن الجموح بمعاذ ابن عفراء، وبمعوّذ ابن عفراء عند السكوت عن ذكر عمرو والد معاذ، والله تعالى أعلم.

وفي البخاريّ ومسلم: أن ابن مسعود هو الذي أجهز على أبي جهل، واحتزَّ رأسه بعد أن جرى له معه كلام، سيأتي إن شاء الله تعالى. انتهى (٢).

ووقع في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - رضي الله عنه - يوم بدر: "من ينظر ما صنع أبو جهل؟، فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفرا … " الحديث، فهذا يدلّ على أن قاتله ابنا عفراء.

وقال في "الفتح" بعد أن أشار إلى الرواية: وحاصله أن كلَّا من ابني


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٦٣.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٥٠.