للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ - رحمه الله - اختَلَف العلماء في معنى هذا الحديث، فقال أصحابنا: اشترك هذان الرجلان في جراحته، لكن معاذ بن عمرو بن الجموح أثخنه أوّلًا، فاستحقّ السلب، وإنما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "كلاكما قتله"؛ تطييبًا لقلب الآخر، من حيث إن له مشاركةً في قتله، وإلا فالقتل الشرعيّ الذي يتعلق به استحقاق السلب، وهو الإثخان وإخراجه عن كونه ممتنعًا، إنما وُجد من معاذ بن عمرو بن الجموح، فلهذا قَضَى له بالسلب، قالوا: وإنما أخذ السيفين؛ ليستدل بهما على حقيقة كيفية قتلهما، فعَلِم أن ابن الجموح أثخنه، ثم شاركه الثاني بعد ذلك، وبعد استحقاقه السلب، فلم يكن له حقّ في السلب، هذا مذهب أصحابنا في معنى هذا الحديث.

وقال أصحاب مالك: إنما أعطاه لأحدهما؛ لأن الإمام مخير في السلب، يفعل فيه ما شاء، وقد سبق الردّ على مذهبهم هذا، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١).

وقوله: (وَالرَّجُلَانِ) يعني: الغلامين اللذين كلّما عبد الرحمن بن عوف في شأن أبي جهل، (مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ) بن زيد بن حرام بن كعب بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة بن سعيد بن عليّ بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جُشَم بن الخزرج السَّلَميّ الخزرجيّ الأنصاريّ، شَهِد العقبة، وبدرًا هو وأبوه عمرو، وقُتِل عمرو بن الجموح - رضي الله عنه - يوم أُحد (٢).

(وَمُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ) - بفتح العين المهملة، وسكون الفاء، وبالراء، وبالمدّ - وهي أمه عفراء بنت عُبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجّار، وهو معاذ بن الحارث بن رِفاعة بن سواد، وهكذا قاله محمد بن إسحاق، وقال ابن هشام: هو معاذ بن الحارث بن عفراء بن سواد بن مالك بن النجّار، وقال موسى بن عقبة: معاذ بن الحارث بن رفاعة بن الحارث، شَهِدَ بدرًا هو وأخواه: عوف، ومعوّذ بنو عفراء، وهم بنو الحارث بن رفاعة، وقال أبو عمر: ولمعاذ بن عفراء رواية عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن الصلاة بعد الصبح، وبعد العصر، مات في خلافة عليّ - رضي الله عنه -. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٦٣.
(٢) "عمدة القاري" ١٥/ ٩٢.
(٣) "عمدة القاري" ١٥/ ٩٢.