للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية البخاريّ: "فقال مالك: بينما أنا جالس في أهلي حين متَعَ النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه، حتى أدخل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش … " الحديث.

(قَالَ) مالك بن أوس (فَوَجَدْتُهُ)؛ أي: عمرَ - رضي الله عنه - (فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ، مُفْضِيًا) اسم فاعل، من أفضى إلى الشيء: إذا وصل إليه، (إِلَى رِمَالِهِ) بكسر الراء، وقد تُضَمّ، وهو ما يُنسج من سَعَف النخل، وأغرب الداوديّ، فقال: هو السرير الذي يُعْمَل من الجريد (١)، والمعنى: أنه ليس تحته فراش، والإفضاء إلى الشيء لا يكون بحائل، وإنما قال هذا؛ لأن العادة أن يكون فوق الرمال فراش، أو غيره.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "مفضيًا إلى رماله"؛ أي: لم يكن بينه وبين الحصير حائل يقيه آثار عيدانه، ورُمال الحصير: ما يؤثّر في جنب المضطجع عليه، ورَمَلْتُ الحصير: نسجته، وقد تقدَّم. انتهى (٢).

(مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ) بكسر الواو: هي الْمِخَدّة، جمعها وِسَادات، ووسائد، والْوِسَادُ بغير هاء: كلُّ ما يُتَوَسّد به، من قُماشٍ، وترابٍ، وغير ذلك، وجَمْعُه وُسُدٌ، مثلُ كتاب وكُتُبٍ، ويقال: الوِسَادُ لغة في الوِسادةً (٣).

وقوله: (مِنْ أَدَم) بيان لـ "وساد"، وهو: بفتحتين، أو بضمّتين: جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ، كما تقدّم قريبًا. (فَقَالَ لِي: يَا مَالُ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في جميع النسخ: "يا مال"، وهو ترخيم مالك، بحذف الكاف، ويجوز كسر اللام، وضمّها، وجهان مشهوران لأهل العربيّة، فمَن كَسَرها تركها على ما كانت عليه، ومن ضمّها جعله اسمًا مستقلّا. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ويجوز كسر اللام … إلخ " أشار إلى هذا ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في "الخلاصة" حيث قال:

تَرْخِيمًا احْذِفْ آخِرَ الْمُنَادَى … كَـ "يَا سُعَا" فِيمَنْ دَعَا "سُعَادَى"


(١) "الفتح" ٧/ ٣٥٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٦٠.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٨.
(٤) "شرح النوويّ" ١٢/ ٧١.