ثم إن كسر لامه هو الأصل، ويُسمّى "لغة من ينتظر"، وضمّها على أنه صار اسمًا مستقلًا، فيُعرب إعراب المنادى المفرد، ويُسمّى "لغة من لا ينتظر"، وإلى هذا أشار ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا في "الخلاصة" حيث قال:
(قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ)؛ أي: ورد جماعة بأهليهم شيئًا بعد شيء، يسيرون قليلًا قليلًا، والدَّفِيف: السَّيْر الليِّن، وكأنهم كانوا قد أصابهم جَدْب في بلادهم، فانتجعوا المدينة، وفي رواية البخاريّ:"إنه قَدِم علينا من قومك أهل أبيات".
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "دَفّ أهل أبيات": أي: نزلوا بهم مسرعين، محتاجين، وأصله من الدَّفيف، وهو: السَّير السَّريع، وكأن الذي تنزلُ به فاقةٌ يسرع المشي لتنجلي عنه. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: تفسير الدّفيف بالسير السريع مخالِف لِمَا في "القاموس"، و"المصباح"، فعندهما أنه السير الليّن، والمشي الخفيف، فتنبّه.
وقوله:(مِنْ قَوْمِكَ)؛ أي: من بني نَصْر بن معاوية بن بكر بن هوازن، (وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ) - بفتح الراء، وسكون الضاد المعجمة، بعدها خاء معجمة -؛ أي: عطيّة غير كثيرة، ولا مقدّرة، (فَخُذْهُ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ. قَالَ) مالك (قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيْرِي) جواب "لو" محذوف؛ أي: لكان خيرًا، أو هي للتمنّي، لا تحتاج إلى جواب؛ أي: أتمنى أن تأمر بها غيري، وإنما قال مالك هذا تحرجًا من قبول الأمانة، ولم يبيِّن ما جرى له فيه؛ اكتفاءً بقرينة الحال،