هنا، (بِاللهِ الَّذِي بإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، أتعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاسًا وَعَلِيًّا) - رضي الله عنهما - (بِمِثْلِ مَا نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ، أتعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ) عمر - رضي الله عنه - (فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية للبخاريّ:"ثم تَوَفَّى الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: أنا وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … "، (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق - رضي الله عنه - (أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجِئْتُمَا، تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ) يريد العبّاس - رضي الله عنه -، (مِنَ ابْنِ أَخِيكَ) يريد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (وَيَطْلُبُ هَذَا) يريد عليًّا - رضي الله عنه -، (مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ) فاطمة - رضي الله عنهما - (مِنْ أَبِيهَا) - صلى الله عليه وسلم -، (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ما) نافية؛ أي: لا، (نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا) "ما" اسم موصول مبتدأ، والعائد محذوف، وقوله: (صَدَقَةٌ") خبر المبتدإ؛ أي: المال الذي تركناه بعد موتنا يكون صدقة على المحتاجين، (فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا، آثِمًا، غَادِرًا، خَائِنًا)، وفي رواية عقيل: وأنتما حينئذ - وأقبل على عليّ وعباس - تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا"، وفي رواية شعيب: "كما تقولان"، قال في "الفتح": وكأن الزهريّ كان يحدث به تارةً، فيصرّح، وتارةً، فيكني، وكذلك مالك، وقد حُذف ذلك في رواية بشر بن عمر عنه، عند الإسماعيليّ، وغيره، وهو نظير ما سبق من قول العباس لعليّ - رضي الله عنهما -، وهذه الزيادة من رواية عمر عن أبي بكر، حُذفت من رواية إسحاق الْفَرْويّ شيخ البخاريّ.
وقد ثبت أيضًا في رواية بشر بن عمر عنه عند أصحاب "السنن"، والإسماعيليّ، وعَمرو بن مرزوق، وسعيد بن داود، كلاهما عند الدارقطنيّ، عن مالك، على ما قال جويرية، عن مالك، واجتماع هؤلاء عن مالك يدلّ على أنهم حفظوه.
وهذا القدر المحذوف من رواية إسحاق ثبت من روايته في موضع آخر من الحديث، لكن جعل القصّة فيه لعُمر، حيث قال: "جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك"، وفيه: "فقلت لكما: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث"، فاشتمل هذا الفصل على مخالفة إسحاق لبقية الرواة عن مالك، في كونهم جعلوا القصّة عند أبي بكر، وجعلوا الحديث المرفوع من حديث أبي بكر، من رواية عمر عنه، وإسحاق الفَرْويّ جعل القصّة عند عمر، وجعل الحديث المرفوع من روايته، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بغير واسطة أبي بكر.