المسلمين، ويخدُمنا، فإذا مت فادفعيه إلى عمر، فلما مات دفعته إلى عمر، فقال عمر: رحم الله أبا بكر لقد أتعب مَن بعده.
قال أبو عمر: لم ير أبو بكر مما يخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بني النضير، وفدك، وسهمه بخيبر، وغير ذلك مما أفاء الله عليه، إلا أن يليه بما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه، فيُنفق منه على عيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويأخذ منه لهم كل عام قوت العام، ويجعل ما فَضَل في الكراع والسلاح، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل.
وفي هذه الولاية تخاصَم إليه عليّ والعباس ليليها كل واحد منهما بما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يليها به.
ورَوَى حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن أبي بكر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا نورث"، ولكنى أعول من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعول، وأُنفق على ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر من مجموع الأدلّة أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث" عامّ يعمّه وغيره من الأنبياء، فهذا هو الصحيح، وما استدلّ به الآخرون من قوله تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ونحوه، فهو وراثة النبوّة والعلم، لا وراثة المال، فتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في مصرف الفيء:
ذهب مالك - رَحِمَهُ اللهُ - إلى أن الفيء والخمس سواءٌ، يُجعلان في بيت المال، ويُعطي الإمام أقارب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بحسب اجتهاده.
وذهب الجمهور إلى الفرق بين خُمس الغنيمة، وبين الفيء، فقالوا: الخُمس موضوع فيما عيّنه الله فيه من الأصناف المسمَّين في آية الخمس، من "سورة الأنفال"، لا يُتَعدَّى به إلى غيرهم، وأما الفيء فهو الذي يرجع النظر في مصرفه إلى رأي الإمام، بحسب المصلحة.
وانفرد الشافعيّ - كما قال ابن المنذر وغيره - بأن الفيء يخمس، وأن