فيُعزل منها سهم واحد، وتقسم الأربعة على الناس، ثم يضرب الإمام بيده على السهم الذي عزله، فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة، ثم يقسم بقيّة السهم الذي عزله على خمسة: سهم للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
[القول الثالث]: قال المنهال بن عمرو: سألت عبد الله بن محمد بن عليّ، وعليّ بن الحسين، عن الخمس؟ فقالا: هو لنا، قلت لعليّ: إن الله تعالى يقول: {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١]، فقالا: أيتامنا، ومساكيننا.
[القول الرابع]: قال الشافعيّ: يقسم على خمسة، ورأى أن سهم الله ورسوله واحدٌ، وأنه يُصرف في مصالح المسلمين، والأربعة الأخماس على الأربعة الأصناف المذكورين في الآية.
[الخامس]: قال أبو حنيفة: يقسم على ثلاثة: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وارتفع عنده حكم قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموته، كما ارتفع حكم سهمه، قالوا: ويبدأ من الخمس بإصلاح القناطر، وبناء المساجد، وأرزاق القضاة والجند. وروي نحو هذا عن الشافعيّ أيضًا.
[السادس]: قال مالكٌ: هو موكولٌ إلى نظر الإمام واجتهاده، فيأخذ منه من غير تقدير، ويُعطي منه القرابة باجتهاده، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين، وبه قال الخلفاء الأربعة، وبه عملوا، وعليه يدلّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم"، فإنه لم يَقسمه أخماسًا، ولا أثلاثًا، وإنما ذكر في الآية من ذكر على وجه التنبيه عليهم؛ لأنهم من أهمّ من يُدفع إليه. قال الزجّاج محتجّا لمالك: قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[البقرة: ٢١٥]، وللرجل جائز بالإجماع أن يُنفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك. وقد تقدّم عند النسائيّ، قول عطاء: خمس الله، وخمس رسوله واحد، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحمل منه، ويُعطي منه، وبضعه حيث شاء، ويصنع به ما شاء. ذكر هذا كلّه القرطبيّ في "تفسيره"(١).