مَحالةَ، فوجب أن تُقسم كسائر الغنائم، وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما افتتح عَنْوةَ من خيبر. قالوا: ولو جاز أن يُدّعى الخصوص في الأرض جاز أن يُدّعى في غير الأرض، فيبطل حكم الآية. وأما آية الحشر، فلا حجة فيها؛ لأن ذلك إنما هو في الفيء، لا في الغنيمة، وقوله:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}[الحشر: ١٠] استئناف كلام بالدعاء لمن سبقهم بالإيمان، لا لغير ذلك. قالوا: وليس يخلو فعل عمر في توقيفه الأرض من أحد وجهين: إما أن تكون غنيمة استطاب أنْفُس أهلها، وطابت بذلك، فوقفها، وكذلك روى جرير أن عمر استطاب أنفس أهلها. وكذلك صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبي هَوَازن لَمّا أتوه استطاب أنفس أصحابه عما كان في أيديهم. وإما أن يكون ما وقفه عمر فيئًا، فلم يحتج إلى مُراضاة أحد.
وذهب الكوفيّون إلى تخيير الإمام في قسمها، أو إقرارها، وتوظيف الخراج عليها، وتصير مُلكًا لهم كأرض الصلح. قال أبو العبّاس القرطبيّ: وكأنّ هذا جَمْعٌ بين الدليلين، ووسطٌ بين المذهبين، وهو الذي فهمه عمر - رضي الله عنه - قطعًا، ولذلك قال:"لولا آخر الناس"، فلم يُخبر بنسخ فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا بتخصيصه بهم، غير أن الكوفيين زادوا على ما فعل عمر، فإنه إنما وقفها على مصالح المسلمين، ولم يملّكها لأهل الصلح، وهم قالوا: للإمام أن يملّكها لأهل الصلح. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الأرجح هو القول بأن الرأي للإمام في قسم الأراضي، أو توقيفها، كما فعل عمر - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في كيفيّة قسم الخمس:
اختلفوا في ذلك على ستّة أقوال:
[الأول]: ذهبت طائفة إلى أنه يقسم الخمس على ستة، فيُجعل سدسه للكعبة، وهو الذي لله سبحانه. والثاني: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والثالث: لذوي القربى. والرابع: لليتامى. والخامس: للمساكين. والسادس: لابن السبيل. وقال بعض أصحاب هذا القول: يردّ السهم الذي لله على ذوي الحاجة.
[القول الثاني]: قال أبو العالية، والربيع: تقسم الغنيمة على خمسة،