للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تتقين الله؟ ألم تعلمن أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقول … "، (أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا) نافية، ولذا رُفع الفعل بعدها (نُورَثُ) - بضم النون، وفتح الراء المخففة -، وعند النسائيّ: "إنا معاشرَ الأنبياء لا نورث"، (مَا تَرَكْنَا) "ما" اسم موصول، والعائد محذوف؛ أي: الذي تركناه (فَهُوَ صَدَقَةٌ"؟) بالرفع قطعًا، خبر لقوله: "فهو"، والجملة خبر "ما تركنا"، قال الزرقاني - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا يؤيد الرواية في حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -: "ما تركنا صدقة" بإسقاط "فهو"، ورفع "صدقةٌ"، كما توارد عليه أهل الحديث في القديم والحديث، خبر المبتدإ الذي هو "ما تركنا فالكلام جملتان: الأولى فعلية، والثانية اسمية.

قال: وادَّعَى بعض الرافضة أن الصواب قراءة "لا يورث" بتحتانية أوله، ونصب "صدقةً" على الحال، وهو خلاف الرواية.

وقد احتَجّ بعض المحدثين على بعض الإمامية بأن أبا بكر احتجّ به على فاطمة، وهما من أفصح الفصحاء، وأعلم بمدلولات الألفاظ، فلو كان الأمر، كما يقول الروافض لم يكن فيما احتَجّ به أبو بكر حجةٌ، ولا كان جوابه مطابقًا لسؤالها، وهذا واضح لمن أنصف، كما في "فتح الباري".

وقال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - في تخريجه لأحاديث "مختصرة ابن الحاجب": إن الحديث لم يوجد بلفظ: "نحن معاشرَ الأنبياء ووُجد بلفظ: "إنا"، ومفادهما واحد، فلعل من ذكره بلفظ "نحن" ذكره بالمعنى، وهو في "الصحيحين"، و"السنن" الثلاثة عن الصدّيق بلفظ: "لا نورثُ، ما تركنا صدقةٌ". انتهى.

وذهب النحّاس إلى صحة نصب "صدقةً" على الحال، وأنكره عياض؛ لتأييده مذهب الإمامية، لكن قدّره ابن مالك: ما تركنا متروكٌ صدقةً، فحُذف الخبر، وبقي الحال (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.

[تنبيه]: قال في "الفتح": هذا الحديث في "الموطأ"، ووقع في رواية ابن


(١) "شرح الزرقانيّ على الموطأ" ٤/ ٥٣١.