وقد رواه ابن أبي شيبة في "مصنّفه"، و"مسنده" بهذا الإسناد، فقال:"للفرس"، وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم، في "كتاب الجهاد" له عن ابن أبي شيبة، وكأن الرماديّ رواه بالمعنى.
وقد أخرجه أحمد، عن أبي أسامة، وابن نمير معًا، بلفظ:"أسهم للفرس"، وعلى هذا التأويل أيضًا يُحْمَل ما رواه نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن عبيد الله، مثل رواية الرماديّ، أخرجه الدارقطنيّ، وقد رواه عليّ بن الحسن بن شقيق، وهو أثبت من نعيم، عن ابن المبارك، بلفظ:"أسهم للفرس".
واستُدِلّ به على أنَّ المشرك إذا حضر الوقعة، وقاتل مع المسلمين يُسهَم له، وبه قال بعض التابعين؛ كالشعبيّ، ولا حجة فيه؛ إذ لَمْ يَرِدْ هنا صيغة عموم.
واختُلِف فيمن خرج إلى الغزو، ومعه فرس فمات قبل حضور القتال، فقال مالك: يستحقّ سهم الفرس، وقال الشافعيّ، والباقون: لا يُسهم له إلَّا إذا حضر القتال، فلو مات الفرس في الحرب استحقّ صاحبه، وإن مات صاحبه استمرّ استحقاقه، وهو للورثة، وعن الأوزاعيّ فيمن وصل إلى موضع القتال، فباع فرسه: يسهم له، لكن يستحقّ البائع مما غَنِموا قبل العقد، والمشتري مما بعده، وما اشتَبَهَ قسم، وقال غيره: يوقف حتى يصطلحا، وعن أبي حنيفة: من دخل أرض العدو راجلًا لا يُقسم له إلَّا سهم راجل، ولو اشترى فرسًا، وقاتل عليه.
واختُلِف في غزاة البحر، إذا كان معهم خيل، فقال الأوزاعيّ، والشافعيّ: يُسهم له.
[تكميل]: هذا الحديث يذكره الأصوليون في مسائل القياس، في مسألة الإيماء؛ أي: إذا اقترن الحكم بوصف، لولا أن ذلك الوصف للتعليل، لَمْ يقع الاقتران، فلما جاء سياق واحد، أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطى للفرس سهمين، وللراجل سهمًا، دَلّ على افتراق الحكم. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(١) "الفتح" ٧/ ١٤١ - ١٤٢، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٦٣).