مكة، فجهدت قريش، فكتبوا إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسألونه بأرحامهم، إلَّا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام؛ ففعل ذلك رسول الله.
ولمّا ظهر مسيلمة، وقَوِيَ أمره، أرسل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُرَات بن حَيَّان العجلي إلى ثمامة في قتال مسيلمة وقتله.
قال محمد بن إسحاق: لمّا ارتدّ أهل اليمامة عن الإسلام لَمْ يرتدّ ثمامة، وثبت على إسلامه، هو ومن اتبعه من قومه، وكان مقيمًا باليمامة ينهاهم عن اتّباع مسيلمة وتصديقه، ويقول: إياكم وأمرًا مظلمًا لا نور فيه، وإنه لشقاء كتبه الله - عَزَّ وَجَلَّ - على من أخذ به منكم، وبلاء على من لَمْ يأخذ به منكم يا بني حنيفة، فلما عصوه وأصفقوا على اتباع مسيلمة عزم على مفارقتهم، ومَرّ العلاء بن الحضرمي ومن معه على جانب اليمامة يريدون البحرين، وبها الحطم ومن معه من المرتدين من ربيعة، فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين: إني والله ما أرى أن أقيم مع هؤلاء، وقد أحدثوا، وإن الله ضاربهم ببلية لا يقومون بها ولا يقعدون، وما أرى أن نتخلف عن هؤلاء، يعني ابن الحضرميّ وأصحابه وهم مسلمون، وقد عرفنا الذي يريدون، وقد مروا بنا، ولا أرى إلَّا الخروج معهم، فمن أراد منكم فليخرج، فخرج ممدًا للعلاء ومعه أصحابه من المسلمين، ففتّ ذلك في أعضاد عدوّهم حين بلغهم مدد بني حنيفة، وشهد مع العلاء قتال الحطم، فانهزم المشركون، وقُتلوا، وقسم العلاء الغنائم، ونَفّل رجالا، فأعطى العلاء خميصة - كانت للحطم يباهي بها - رجلًا من المسلمين، فاشتراها منه ثمامة، فلمّا رجع ثمامة بعد هذا الفتح رأى بنو قيس بن ثعلبة، قوم الحطم، خميصته على ثمامة، فقالوا: أنت قتلت الحطم، قال: لَمْ أقتله، ولكني اشتريتها من المغنم، فقتلوه (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.