واحتجوا بحديث قيس بن عاصم - رضي الله عنه - أنه أسلم، فأمره النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يغتسل بماء وسِدْر، وهو حديث صحيح، رواه أبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وبحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصّة ثمامة بن أُثال - رضي الله عنه - المذكور في الباب، وفيه:"فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل … "، وفي رواية للبيهقيّ وغيره:"أن رسول الله مَرَّ عليه، فأسلم، فأطلقه، وبعث به إلى حائط أبي طلحة، وأمره أن يغتسل، فاغتسل، وصلى ركعتين".
وبحديث أمْره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغسل واثلة، وقتادة الرهاوي، عند الطبرانيّ، وعَقيل بن أبي طالب، عند الحاكم في "تاريخ نيسابور"، وفي أسانيد الثلاثة ضعف، كما قال الحافظ.
وذهب جماعة إلى استحبابه، وبه يقول الشافعيّ، إذا لَمْ يجنب في حال الكفر، وإلا وجب عليه الغسل، سواء قد اغتسل أم لا؟ لعدم صحة الغسل، وفيه خلاف في مذهب الشافعيّ، أصحهما وجوب الإعادة، كما في "المجموع" للنوويّ.
واحتجوا بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يأمر كلّ من أسلم بالغسل، ولو كان واجبًا لَمَا خَصَّ بالأمر به بعضًا دون بعض، فيكون ذلك قرينة صارفة للأمر إلى الندب.
وأما وجوبه على من أجنب فللأدلة القاضية بوجوبه؛ لأنَّها لَمْ تفرِّق بين كافر، ومسلم.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى وجوبه على من أجنب، ولم يغتسل حال كفره، فإن اغتسل لا يجب، ولا يصح قياسه على الصلاة، والزكاة؛ لأنهما لا يصحان بدون النية، بخلاف اغتساله؛ لأنَّ الماء مطهِّر بنفسه فلا يحتاج إلى النية.
وذهب بعضهم إلى استحبابه مطلقًا، وإن لَمْ يغتسل من جنابة أصابته في كفره؛ لحديث:"الإسلام يَجُبُّ ما قبله".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أرجح المذاهب عندي مذهب من قال