للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع: تقدم آنفًا أن قتادة ممن يقول بالمنع مطلقًا، فلعل له قولين في المسألة، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ ابن كثير - رَحِمَهُ اللهُ -: وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريجٍ، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]: إلَّا أن يكون عبدًا أو أحدًا من أهل الذِّمة، وقد روي مرفوعًا من وجه آخر، فقال الإمام أحمد: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا شريك، عن أشعث بن سوَّار، عن الحسن، عن جابر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك، غير أهل الكتاب، وخدمهم"، وفي لفظ: "لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا إلَّا أهل العهد، وخدمهم" (١).

قال الحافظ ابن كثير: تفرّد به الإمام أحمد مرفوعًا، والموقوف أصح إسنادًا (٢).

قال الجامع: في سند أحمد: شريك القاضي، وهو متكلَّم فيه، وأشعث بن سوار الكِنْديّ ضعيف، كما قاله الحافظ في "التقريب"، والله تعالى أعلم.

وذهب أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ -: إلى أنه يجوز للكتابيّ دخول المسجد، دون غيره، واحتَجّ بالحديث المذكور.

وقال أبو محمد بن حزم - رَحِمَهُ اللهُ -: ودخول المشركين في جميع المساجد جائز، حاشا حرم مكة كله، المسجد وغيره، فلا يحل البتة أن يدخله كافر، وهو قول الشافعيّ، وأبي سليمان. وقال أبو حنيفة: لا بأس أن يدخله اليهوديّ، والنصرانيّ، ومنع سائر الأديان، وكره مالك دخول أحد من الكفار في شيء من المساجد، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨]، فخصَّ الله المسجد الحرام، فلا يجوز تعدّيه إلى غيره بغير نصّ، وقد كان الحرم قبل بنيان المسجد، وقد زِيد فيه،


(١) راجع: "مسند أحمد" ٣/ ٣٣٩، ٣٩٢.
(٢) راجع: "تفسير ابن كثير" ٢/ ٣٦٠.