للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويَحْتَمِل أن يكونوا من أهل خيبر؛ لأنَّها لَمّا فُتِحت أقرّ أهلها على أنَّ يزرعوا فيها، ويعملوا فيها ببعض ما يخرج منها، فاستمرّوا بها حتى أجلاهم عمر - رضي الله عنه - من خيبر، فيَحْتَمِل أن يكون هؤلاء طائفة منهم، كانوا يسكنون بالمدينة، فأخرجهم النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأوصى عند موته أن يُخرِجوا المشركين من جزيرة العرب، ففعل ذلك عمر - رضي الله عنه -. انتهى (١).

وقوله: (إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) جواب "بينا"، وقد تقدّم أن الأفصح في جوابها أن يكون بلا "إذ"، و "إذا". (فَقَالَ: "انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ") بمنع الصرف؛ للعليّة والتأنيث، باعتبار القبيلة، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: ولم أر من صَرّح بنسب اليهود المذكورين، والظاهر أنهم بقايا من اليهود، تأخروا بالمدينة بعد إجلاء بني قينقاع، وقريظة، والنضير، والفراغ من أمرهم؛ لأنه كان قبل إسلام أبي هريرة، وإنما جاء أبو هريرة بعد فتح خيبر، وقد أقرّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يهود خيبر على أنَّ يعملوا في الأرض، واستمروا إلى أن أجلاهم عمر - رضي الله عنه -.

ويَحْتَمِل - والله أعلم - أن يكون النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد أن فتح ما بقي من خيبر هَمَّ بإجلاء من بقي ممن صالح من اليهود، ثم سألوه أن يُبقيهم، ليعملوا في الأرض، فبقّاهم، أو كان قد بقي بالمدينة من اليهود المذكورين طائفة استمروا فيها، معتمدين على الرضا بإبقائهم للعمل في أرض خيبر، ثم منعهم النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من سكنى المدينة أصلًا، والله أعلم، بل سياق كلام القرطبيّ في "شرح مسلم" يقتضي أنه فَهِمَ أن المراد بذلك بنو النضير، ولكن لا يصح ذلك؛ لتقدمه على مجيء أبي هريرة، وأبو هريرة يقول في هذا الحديث: إنه كان مع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى (٢).

(فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى جِئْنَاهُمْ) وفي رواية البخاريّ: "حتى جئنا بيت المدراس"، وهو بكسر الميم، وأَخره سين مهملة، مِفْعال من الدَّرْس، والمراد به: البيت الذي يُدرس فيه كتابهم، أو: هو كبير اليهود، ونُسِب البيت إليه؛


(١) "الفتح" ١٦/ ٢٢٢ - ٢٢٣، كتاب "الإكراه" رقم (٦٩٤٤).
(٢) "الفتح" ٧/ ٤٦٠ - ٤٦١ كتاب "الجزية" رقم (٣١٦٨).