للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ) بضمّ أوله، وسكون الجيم؛ أي: أُخرجكم وزنًا ومعنًى.

(مِنْ هَذِهِ الأَرْض، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا) الباء بمعنى البدل، كما في قول الشاعر [من البسيط]:

فَلَيْتَ لِي بِهِمُ قَوْمًا إِذَا رَكِبُوا … شَنُّوا الإِغَارَةَ فُرْسَانًا وَرُكْبَانَا

وقال في "الفتح": قوله: "فمن وجد" كذا هنا بلفظ الفعل الماضي، وقوله: "بماله شيئًا" الباء متعلقة بشيء محذوف، أو ضَمَّن "وجَدَ" معنى نَحَل فعدّاه بالباء، أو "وجَدَ" من الوجدان، والباء سببية؛ أي: فمن وجد بماله شيئًا من المحبة، وقال الكرمانيّ: الباء هنا للمقابلة، فجعل وَجَدَ من الوجدان. انتهى (١).

ووقع في رواية عند البخاريّ بلفظ: "فمن يجد منكم بماله شيئًا"، فقال في "الفتح": من الوجدان؛ أي: يجد مشتريًا، أو من الوَجْد؛ أي: المحبّة؛ أي: يُحبّه، والغرض أن منهم من يشقّ عليه فراق شيء من ماله، مما يعسر تحويله، فقد أُذن له في بيعه. انتهى (٢).

وقولى: (فَلْيَبعْهُ) جوابُ "منْ"، والمعنى: أن من كان له شيء مما لا يمكن تحويله، فله أَن يبيعه (وَإِلَّا)؛ أي: وإن لَمْ تسمعوا ما قلت لكم من ذلك، (فَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ) وفي رواية للبخاريّ: "أنما الأرض"، (لِلَّهِ وَرَسُولِهِ")؛ أي: تعلقت مشيئة الله بأن يورث أرضكم هذه للمسلمين، ففارقوها، وهذا كان بعد قتل بني قريظة، وإجلاء بني النضير؛ لأنَّ هذا كان قبل إسلام أبي هريرة؛ لأنَّ أبا هريرة إنما جاء بعد فتح خيبر، قاله في "العمدة" (٣).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إنما الأرض لله ورسوله": معناه: مِلْكُها، والحكم فيها، وإنما قال لهم هذا؛ لأنهم حاربوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما ذكره ابن عمر - رضي الله عنهما - في روايته التي ذكرها مسلم بعد هذه. انتهى (٤).


(١) "الفتح" ١٦/ ٢٢٤، كتاب "الإكراه" رقم (٦٩٤٤).
(٢) "الفتح" ٧/ ٤٦١، كتاب "الجزية" رقم (٣١٦٨).
(٣) "عمدة القاري" ١٥/ ٩٠.
(٤) "شرح النوويّ" ١٢/ ٩٠ - ٩١.