للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التبليغ، قالوا ذلك، وقلوبهم منكرة، مُكَذِّبة، ويَحْتَمِل أن يكونوا قالوا ذلك خوفًا منه، وتطييبًا له، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ذَلِكَ أُرِيدُ) - بضم الهمزة، وكسر الراء - أي: التبليغُ هو مقصودي، وقال في "الفتح": قوله: "ذلك أريد أي: بقولي: أسلموا؛ أي: إن اعترفتم أنني بلّغتكم سقط عني الحرج. انتهى (٢)، وقال في موضع آخر؛ أي: أريد أن تُقِرّوا بأني بَلَّغت؛ لأنَّ التبليغ هو الذي أُمر به. انتهى (٣).

[تنبيه]: قوله: "أريد" كذا وقع عند مسلم، وكذا هو عند البخاريّ بلفظ "أريد" بضم أوله، بصيغة المضارعة، من الإرادة، قال في "الفتح": ووقع في رواية أبي زيد المروزيّ فيما ذكره القابسيّ بفتح أوله، وبزاي معجمة، وأطبقوا على أنَّه تصحيف، لكن وَجّهه بعضهم بأن معناه: أُكَرِّر مقالتي؛ مبالغةً في التبليغ. انتهى (٤).

(أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا"، قالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِم، قالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ذَلِكَ أُرِيدُ"، فَقَالَ لَهُمُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "اعْلَمُوا أَنَّمَا الَأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) قال في "الفتح": قوله: "واعلموا" جملة مستأنفة؛ كانهم قالوا في جواب قوله: "أسلموا، تسلموا": لِمَ قلت هذا، وكررته؟ فقال: اعلموا أني أريد أن أُجليكم، فإن أسلمتم سَلِمتم من ذلك، ومما هو أشقّ منه. انتهى (٥).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "اعلموا: أن الأرض لله ولرسوله"؛ يعني: مُلكًا، وحُكمًا، ويعني بها: أرضهم التي كانوا فيها، أعْلَمَهم بهذه اللفظة أنه يُجليهم منها، ولا يتركهم فيها، وأن ذلك حُكم الله فيهم. انتهى (٦).


(١) "المفهم" ٣/ ٥٨٨.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٢٢٢ - ٢٢٣، كتاب "الإكراه" رقم (٦٩٤٤).
(٣) "الفتح" ١٧/ ٢٣٦، كتاب "الاعتصام" رقم (٧٣٤٨).
(٤) "الفتح" ١٧/ ٢٣٦، كتاب "الاعتصام" رقم (٧٣٤٨).
(٥) "الفتح" ٧/ ٤٦١، كتاب "الجزية" رقم (٣١٦٧)، و"عمدة القاري" ١٥/ ٩٠.
(٦) "المفهم" ٣/ ٥٨٨.