للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والصواب: "لِمَا فَعَلَت" باللام المكسورة، وقد رواه بعضهم هنا كذلك، وهي الرواية في السير، ليس فيها غيرها.

وقوله: (لَعَمْرُكَ) بفتح العين؛ أي: لحياتك، والحلف بالحياة لا يجوز، فيحتمل أن يكون هذا قبل النهي، أو لم يُرِد به القَسَم، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إِنَّ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ غَدَاةَ تَحَمَّلُوا لَهُوَ الصَّبُورُ)؛ يعني: أنه كثير الصبر على ما أصاب قريظة حلفاءه بسبب حكمه بقتلهم، وهذ من باب الذمّ بما يشبه المدح، يذمّه على حكمه في حلفائه.

وقوله: (تَرَكْتُمْ)؛ أي: جعلتم.

وقوله: (قِدْرَكمْ لَا شَيْءَ فِيهَا) "الْقِدْر" بكسر القاف، وسكون الدال المهملة: إناء يُطبخ فيه، جمعه قُدُورٌ، مثلُ حِمْلٍ وحُمُول (١).

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: هذا مَثَل لعدم الناصر، وأراد بقوله: "تركتم قدركم": الأوس؛ لقلة حلفائهم، فإن حلفاءهم قريظة، وقد قُتِلوا، وأراد بقوله: "وقدر القوم حاميةٌ تفور": الخزرج؛ لشفاعتهم في حلفائهم بني قينقاع، حتى مَنَّ عليهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وتركهم لعبد الله بن أُبَيّ ابن سَلُولَ، وهو أبو حباب المذكور في البيت الآخر. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": وقوله: "تركتم قدركم" أراد به ضرب المَثَل، و"ميطان": موضع في بلاد مُزينة من الحجاز، كثير الأوعار، وأشار بذلك إلى أن بني قريظة كانوا في بلادهم راسخين، من كثرة ما لَهُم من القوّة والنَّجْدة، والمال، كما رسخت الصخور بتلك البلدة.

وذكر ابن إسحاق أن هذه الأبيات لِجَبَل بن جَوَّال الثعلبيّ، وهو بفتح الجيم، والموحدة، وأبوه بالجيم، وتشديد الواو، والثعلبيّ بمثلثة، ومهملة، ثم موحدة، ووقع عنده بدل قوله: "وقد قال الكريم … " البيت:

وَأَمَّا الْخَزْرَجِيُّ أَبُو حُبَاثٍ … فَقَالَ لِقَيْنُقَاعَ لَا تَسِيرُوا

وزاد فيها أبياتًا، منها:

أَقِيمُوا يَا سَرَاةَ الْأَوْسِ فِيهَا … كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَخْزَاةِ غُورُ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٩٦ - ٩٧.