للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بإطلاع الله تعالى إياه، أو بأن يخلُق له علمًا يُدْرِك به ذلك، ويؤيد الأول ما أخرجه ابن أبي الدنيا، عن أبي عِمران الْجَوْنيّ، قال: "يُنادَى الملك: اكتب لفلان كذا وكذا، فيقول: يا رب، إنه لم يعمله، فيقول: إنه نواه"، وقيل: بل يجد الملك للهَمّ بالسيئة رائحةً خبيثةً، وبالحسنة رائحةً طيبةً، وأخرج ذلك الطبريّ، عن أبي معشر المدنيّ، وجاء مثله عن سفيان بن عيينة، قال الحافظ: ورأيت في شرح مغلطاي أنه وَرَدَ مرفوعًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في صحة هذه الروايات نظر، فليتأمل، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): ما قاله الإمام أبو جعفر الطبريّ (٢): في هذه الأحاديث دليل على أن الحفظة يكتبون أعمال القلوب، وعقدها، خلافًا لمن قال: إنها لا تكتب إلا الأعمال الظاهرة (٣).

وقال القرطبيّ عند قوله: "إنما تركها من جرّاي": فيه إخبار منه تعالى للملائكة بما لم يعلموا من إخلاص العبد في الترك، ومن هنا قيل: إن الملائكة لا تطّلع على إخلاص العبد، وقد دلّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث حُذيفة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد سأله عن الإخلاص ما هو؟ فقال: "قال الله - عز وجل -: هو سرّ من سرّي، استودعته قلب من أحببتُ من عبادي"، والحديث الآخر الذي يقول الله فيه للملائكة التي تكتب الأعمال حين تَعرِضها عليه: "أَلْقُوا هذا، واقبَلوا هذا"، فتقول الملائكة: وعزّتك ما رأينا إلا خيرًا، فيقول الله: "إن هذا كان لغيري، ولا أقبل من العمل إلا ما ابتُغي به وجهي". انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أما الحديث الأول، فضعيف جدًّا، قال الحافظ العراقيّ: رويناه من مسلسلات القزوينيّ، وفيه: أحمد بن عطاء،


(١) "الفتح" ١١/ ٣٣٢ "كتاب الرقاق" رقم (٦٤٩١).
(٢) هكذا في "الفتح"، و"إكمال المعلم"، وغيرهما، ووقع في "شرح النووي: "أبو جعفر الطحاويّ"، فليُحرّر.
(٣) راجع: "شرح النوويّ" ٢/ ١٥٢.
(٤) "المفهم" ١/ ٣٤٣.