للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) أبو سفيان (قُلْتُ: لَا)؛ أي: لا ينقصون، (بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ) هرقل (هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ) إنما لم يستغن هرقل بقوله: "بل يزيدون" عن هذا السؤال؛ لأنه لا ملازمة بين الارتداد، والنقص، فقد يرتدّ بعضهم، ولا يظهر فيهم النقص، باعتبار كثرة من يدخل، وقلّة من يرتدّ مثلًا (١).

(سَخْطَةً لَهُ؟) - بفتح السين - (٢)، والسُّخط: كراهة الشيء، وعدم الرضا به، فـ "فسخطةً" منصوب على التعليل، ويجوز نصبه على الحال، على تأويله بساخطًا، قال في "الفتح": وأخرجَ بهذا مَن ارتدّ مُكرَهًا، أو لا لسخط لدين الإسلام، بل لرغبة في غيره، كحظّ نفسانيّ، كما وقع لعبيد الله بن جحش. انتهى (٣).

وقال في "الفتح" في موضع آخر: قوله: "سخطةً له": يريد أن مَن دخل في الشيء على بصيرة يَبْعد رجوعه عنه، بخلاف من لم يكن ذلك من صميم قلبه، فإنه يتزلزل بسرعة، وعلى هذا يُحْمَل حال من ارتد من قريش.، ولهذا لم يُعَرِّج أبو سفيان على ذِكرهم، وفيهم صهره، زوج ابنته أم حبيبة، وهو عبيد الله بن جحش، فإنه كان أسلم، وهاجر إلى الحبشة بزوجته، ثم تنصّر بالحبشة، ومات على نصرانيته، وتزوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة بعده، وكأنه ممن لم يكن دخل في الإسلام على بصيرة، وكان أبو سفيان وغيره من قريش يعرفون ذلك منه، ولذلك لم يُعَرِّج عليه؛ خشية أن يكذِّبوه.

ويَحْتَمِل أن يكونوا عرفوه بما وقع له من التنصّر، وفيه بُعْدٌ، أو المراد بالارتداد: الرجوع إلى الدين الأول، ولم يقع ذلك لعبيد الله بن جحش، ولم


(١) "الفتح" ٩/ ٧٢٦.
(٢) وضبطه في "الفتح" بفتح السين، وضمّها، وتعقّبه العينيّ في الضم، ولقد أصاب في ذلك؛ لأن السَّخْطة هي المرّة، وهي فَعْلة بالفتح، لا بالضمّ، و"السُّخْطُ" بالضمّ، وبضمّتين كعُنُق، وبفتحتين، كجَبَل، وكمَقْعَد: ضدّ الرضا، وقد سَخِط، كفرح، وتسخّط. أفاده في "القاموس" ص ٦٠٠.
(٣) "الفتح"١/ ٧٦.