للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يطّلع أبو سفيان على من وقع له ذلك، زاد في حديث دحية: "أرأيت مَن خرج من أصحابه إليكم، هل يرجعون إليه؟ قال: نعم". انتهى (١).

(قَالَ) أبو سفيان (قُلْتُ: لَا)؛ أي: لا يرتدّ أحد سخطة لدينه، (قَالَ) هرقل (فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟) نَسَب ابتداءَ القتال إليهم، ولم يقل: قاتلكم، فينسِب ابتداء القتال إليه؛ محافظةً على احترامه، أو لاطّلاعه على أن النبيّ لا يبدأ قومه بالقتال حتى يقاتلوه، أو لِمَا عَرَفه من العادة من حَمِيّة مَن يُدْعَى إلى الرجوع عن دينه، وفي حديث دحية: "هل ينكب إذا قاتلكم؟ قال: قد قاتله قوم فهزمهم، وهزموه، قال: هذه آية". (قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ) هر قل (فَكَيْفَ (٢) كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ) أبو سفيان (قُلْتُ: تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا) - بكسر أوله -؛ أي: نُوَبًا: نوبةٌ لنا، ونوبةٌ له، قالوا: وأصله من المستقين بالسَّجْل، وهي الدلو الملأى، يكون لكل واحد منهما سَجْلٌ، قاله النوويّ (٣).

وقال في "العمدة": والسَّجْلُ: الدلو، والحرب: اسم جنس، ولهذا جَعَل خبره جمعًا، ويَحْتَمِل أن السجال بمعنى المساجلة، ولا يكون جمع سَجْل، فلا يَرِد السؤال أصلًا. انتهى (٤).

(يُصِيبُ مِنَّا، وَنُصِيبُ مِنْهُ)؛ أي: يُصيب بعضنا بالقتل، ونصيب بعض أتباعه بالقتل، فكأنه شبّه المحاربين بالمستقيين: يستقي هذا في دلوًا، وهذا دلوًا، وأشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر، وغزوة أُحد، وقد صرّح بذلك أبو سفيان يوم أُحد في قوله: "يومٌ بيوم بدر، والحرب سجال"، ولم يَرُدّ عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، بل نطق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك في حديث أوس بن حذيفة الثقفيّ لَمّا كان يُحَدِّث وفد ثقيف، أخرجه ابن ماجه، وغيره، ووقع في مرسل عروة: "قال أبو سفيان: غَلَبَنا مرةً يوم بدر، وأنا غائب، ثم غزوتهم في بيوتهم ببَقْر البطون، وجَدْع الآذان"، وأشار بذلك إلى يوم أُحد، قاله في "الفتح" (٥).


(١) "الفتح" ٩/ ٧٢٦، كتاب "التفسير" رقم (٤٥٥٣).
(٢) وفي نسخة: "قال: وكيف".
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٠٥.
(٤) "عمدة القاري" ١/ ١٥٦.
(٥) "الفتح" ١/ ٧٦ - ٧٧.