للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه قُفْل من ذهب، فأخرج منه حريرة مطويّةً، فيها صور، فعرضها عليهم إلى أن كان آخرها صورة محمد، فقلنا بأجمعنا: هذه صورة محمد، فذكر لهم أنها صور الأنبياء، وأنه خاتمهم - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى (١).

(وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارجٌ)؛ أي: لِمَا في الكتب التي اطّلع عليها، والبشائر به، والإخبار بمجيئه، ووقته، وعلاماته.

(وَلَمْ كُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ)؛ أي: أعلم أن نبيًّا سيُبعث في هذا الزمان، لكن لم أعلم تعيين جنسه، وزعم بعض الشرّاح أنه كان يَظُنّ أنه من بني إسرائيل؛ لكثرة الأنبياء فيهم، وفيه نظرٌ؛ لأن اعتماد هرقل في ذلك كان على ما اطَّلع عليه من الإسرائيليات، وهي طافحة بأن النبيّ الذي يخرج في آخر الزمان من ولد إسماعيل، فيُحْمَل قوله: لم أكن أظنّ أنه منكم؛ أي: من قريش (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: أولم أكن أظن أنه منكم": كأنه استبعَدَ أن يكون نبيّ من العرب، لِمَا كانوا عليه من الأعمال الجاهلية، والطبيعة الأمية، والحالة الضعيفة الزريّة، وتمسّكًا بكثرة الرسل في الملة الإسرائيلية، وقد كان كل ذلك، لكنْ جَبَرَ الله صدع هذه الأمة؛ بأن اختصهم بهذا الرسول العظيم؛ الذي شرّفهم به، وكرّمهم حتى صيّرهم خير أمة، والحمد لله على هذه النعمة (٣).

وقال العلّامة ابن الملقّن رحمه الله: استدلال هرقل من كونه - صلى الله عليه وسلم - ذا حسب ليس بدليل قاطع على النبوّة، وإنما القاطع المعجز الخارق للعادة المعدوم فيها المعارضة، قاله المازريّ، قال: ولعلّ هرقل كان عنده عِلْم بكونها علامات هذا النبيّ، وقد قال فيه: وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظنّ أنه منكم (٤)، وقطع ابن بطّال (٥) بهذا، وقال: إخبار هرقل، وسؤاله عن كلّ فصل فصل إنما كان عن الكتب القديمة، وإنما ذلك كلّه نعْت للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكتوب عندهم في


(١) "الفتح" ٩/ ٧٢٨، كتاب "التفسير" رقم (٤٥٥٣).
(٢) "الفتح" ٩/ ٧٢٨.
(٣) "المفهم" ٣/ ٦٠٧.
(٤) راجع: "المعلم بفوائد مسلم" ٢/ ١٤٤.
(٥) راجع: "شرح ابن بطّال على البخاريّ" ١/ ٤٦.