للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كيف شاء، كما هو قادر على أن يُطلِع بعض البشر على ما في الإنسان، فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يَعلم به أحيانًا ما في الإنسان، فالملك الموكّل بالعبد أولى بأن يعرّفه الله ذلك، وقد قيل في قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦]: إن المراد به الملائكة، والله قد جعل الملائكة تُلقي في نفس العبد الخواطر، كما قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إن للملك لِمّةً، وللشيطان لِمّة، فلِمّة الملك تصديق بالحقّ، ووعد بالخير، ولمّةُ الشيطان تكذيب بالحقّ، وإيعاد بالشرّ"، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في "الصحيح" أنه قال: "ما منكم من أحد إلا وقد وُكّل به قرينه من الملائكة، وقرينه من الجنّ"، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: "وأنا، إلا أن الله قد أعانني عليه، فلا يأمرني إلا بخير".

فالسيّئة التي يَهُمّ بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان علم بها الشيطان، والحسنة التي يَهُمّ بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك علم بها الملك أيضًا بطريق الأولى، وإذا علم بها هذا الملك، أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم. انتهى كلامه (١).

٦ - (ومنها): بيان أدب الملائكة مع ربّهم - سبحانه وتعالى -، حيث إنهم مع أنه أمرهم بكتابة أعمال العباد لا يكتبون إلا بعد استئذانهم، وانتظارهم أمره لهم بالكتابة.

٧ - (ومنها): بيان حكمة أمر الله - سبحانه وتعالى - بكتابة أعمال العباد ونيّاتهم مع أنه أبصر بذلك وأعلم من الملائكة، وذلك ليكون حجة عليهم بما كُتب حالَ عملهم، كما قال الله - عز وجل -: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)} [الإسراء: ١٤].

٨ - (ومنها): بيان فضل مراقبة الله تعالى، والخوف منه؛ لأن كتابة ما همّ به من السيّئة حسنةً إنما هو لأجل أنه تركها خوفًا من الله تعالى؛ لقوله: "إنما تركها من جراي".

٩ - (ومنها): بيان فضل إحسان الإسلام، وذلك بأن يدخل فيه دخولًا كاملًا، كما أمر الله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا


(١) "مجموع الفتاوى" ٤/ ٢٥٣ - ٢٥٤.