للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التصريح بذلك في "كتاب الإيمان" من حديث الشعبيّ، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه، وأدرك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فآمن به، واتَّبعه، وصدّقه، فله أجران. . ." الحديث، متّفق عليه.

وقال في "الفتح" أيضًا في موضع آخر: أعاد "أَسْلِمْ" تأكيدًا، ويَحْتَمِل أن يكون قوله: "أَسْلِم" أوّلًا؛ أي: لا تعتقد في المسيح ما تعتقده النصارى، و"أَسْلم" ثانيًا؛ أي: ادخل في دين الإسلام، فلذلك قال بعد ذلك: "يؤتك الله أجرك مرتين".

[تنبيه]: لم يصرِّح في الكتاب بدعائه إلى الشهادة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، لكن ذلك مُنطَوٍ في قوله: "والسلام على من اتّبع الهدى"، وفي قوله: "أدعوك بدعاية الإسلام"، وفي قوله: "أَسْلِمْ"، فإن جميع ذلك يتضمن الإقرار بالشهادتين (١).

قال: واستنبط منه شيخنا شيخ الإسلام - يعني: البلقينيّ رحمه الله - أن كلَّ من دان بدين أهل الكتاب كان في حكمهم في المناكحة، والذبائح؛ لأن هرقل هو وقومه ليسوا من بني إسرائيل، وهم ممن دخل في النصرانية بعد التبديل، وقد قال له ولقومه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ}، فدلّ على أن لهم حكمَ أهل الكتاب، خلافًا لمن خصَّ ذلك بالإسرائيليين، أو بمن عُلم أن سلفه ممن دخل في اليهودية، أو النصرانية قبل التبديل. انتهى (٢)، وهو استنباط حسن، والله تعالى أعلم.

(وَإِنْ تَوَلَّيْتَ)؛ أي: أعرضت عن الإجابة إلى الدخول في الإسلام، وحقيقةُ التولِّي إنما هو بالوجه، ثم استُعمل مجازًا في الإعراض عن الشيء، وهي استعارة تبَعية (٣). (فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسيِّينَ) قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقع في هذه الرواية الأولى في مسلم: "الأريسيين"، وهو الأشهر في روايات الحديث، وفي كتب أهل اللغة، وعلى هذا اختُلِف في ضبطه على أوجه:


(١) "الفتح" ٩/ ٧٣٢ رقم (٤٥٥٣).
(٢) "الفتح" ١/ ٨١ - ٨٢.
(٣) "الفتح" ١/ ٨١ - ٨٢.