للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عادة الناس أن يطيعوا ويسمعوا لمن كان نسيبًا حسيبًا، ولا يأنفون عنه، فتجتمع به كلمة المسلمين، ولأنهم أحوط من أن يدنّسوا أحسابهم، وقد قال الحسن البصريّ: حدِّثوا عن الأشراف؛ فإنهم لا يرضون أن يدنّسوا شرفهم بالكذب، ولا بالخيانة (١).

١٣ - (ومنها): أن فيه دليلًا لجمهور الأصوليين: أن للأمر صيغةً معروفةً؛ لأنه أتى بقول: "اعبدوا الله" في جواب: "ما يأمركم"، وهو من أحسن الأدلّة؛ لأن أبا سفيان من أهل اللسان، وكذلك الراوي عنه ابن عباس، بل هو من أفصحهم، وقد رواه عنه مُقَرّرًا له، ومذهب بعض أصحاب الشافعيّ أنه مشترك بين القول والفعل بالاشتراك اللفظيّ، وقال آخرون: بالاشتراك المعنويّ، وهو التواطؤ، بأن يكون القدر المشترك بينهما على ما عُرِف في الأصول، قاله في "العمدة" (٢).

١٤ - (ومنها): أن بعضهم استدلّ به على جواز مسّ المُحْدِث، والكافر كتابًا فيه آية، أو آيات يسيرة من القرآن، مع غير القرآن.

١٥ - (ومنها): أن فيه استحبابَ البلاغة، والإيجاز، وتحري الألفاظ الْجَزْلة في المكاتبة، فإن قوله: "أسلم تسلم" في نهاية الاختصار، وغاية الإيجاز والبلاغة، وجمع المعاني، مع ما فيه من بديع التجنيس.

١٦ - (ومنها): جواز المسافرة إلى أرض الكفار.

١٧ - (ومنها): جواز البعث إليهم بالآية من القرآن، ونحوها.

١٨ - (ومنها): أن من كان سببًا لضلالة، أو مَنْع هداية كان آثمًا، متحمّلًا لأوزار من تبعوه في ذلك، كما قال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: ١٣]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا"، رواه مسلم.


(١) "التوضيح" لابن الملقّن رحمه الله ٢/ ٤١٣.
(٢) "عمدة القاري" ١/ ١٦٩.