رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو هذا، وليس كذلك؛ لأن هذا احتاج في إسلامه إلى أن يدعوه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، ويكاتبه في ذلك، ولم يحتج أصحمة إلى شيء من ذلك، بل بنفس ما سَمِع القرآن من جعفر، وأصحابه الذين هاجروا إلى أرضه، وأُخبر بقواعد الإسلام، وبمحاسنه، ورأى ما كان الصحابة - رضي الله عنهم - عليه أحبَّ دين الإسلام، وانقاد إليه، وصرَّح بأنه على اعتقاد المسلمين في عيسى عليه السلام، وعَرَضَ على أهل مملكته الدخول في الإسلام، فلما رأى نفرتهم، ويئس منهم، كتم إسلامه تَقِيّةً على نفسه، منتظرًا المتخلص منهم، إلى أن تُوُفّي على الإسلام، والإيمان بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بذلك، حيث نعاه لأصحابه، وقال:"إن أخًا لكم بأرض الحبشة قد مات، فقوموا، فَصَلُّوا عليه"، كما تقدَّم في "الجنائز".
وإنما النجاشيّ الذي كاتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر، غير هذا من ملوك الحبشة، إمّا في جهة أخرى، أو بعد موت أصحمة - رضي الله عنه -. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٧/ ٤٦٠٠ و ٤٦٠٠ و ٤٦٠٢](١٧٧٤)، و (الترمذيّ) في "الاستئذان"(٢٧١٦) و"الشمائل"(٨٧)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٥٢٦٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٣٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٢٧٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٥٥٣ و ٦٥٥٤)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط"(٢/ ١٥٠)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٥/ ٣٣٠)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٩/ ١٠٧)، وفوائد الحديث تقدّمت في الباب الماضي، ولله الحمد والمنّة.