للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهل السير، غير صحيح، فإن وقعة حنين كانت في حنين، ثم بعدها كانت وقعة أوطاس في أوطاس، وذلك أن هوازن بعد انهزامهم في حنين تفرّقوا، فصارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى بجيلة، وطائفة إلى أوطاس، فبعث - صلى الله عليه وسلم - إلى هؤلاء عسكرًا، فوقعت المعركة هناك، قال الحافظ رحمه الله - متعقّبًا لقول عياض: أوطاس وادٍ في دار هوازن، وهو موضع حرب حنين - ما حاصله: وهذا الذي قاله ذهب إليه بعض أهل السير، والراجح أن وادي أوطاس غير وادي حنين، ويوضِّح ذلك ما ذكر ابن إسحاق أن الوقعة كانت في وادي حنين، وأن هوازن لمّا انهزموا، صارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى بَجِيلة، وطائفة إلى أوطاس، فأرسل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عسكرًا، مقدّمهم أبو عامر الأشعريّ إلى من مضى إلى أوطاس. انتهى (١).

(قَالَ) عبّاس (ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَصَيَاتٍ) جمع حصى، وهي دقاق الحجارة، (فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ) وفي بعض النسخ: "في وجوه الكفّار"، وهذا من المعجزات الفعليّة، حيث رمى من حصيات قليلة جماعة المشركين. (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("انْهَزَمُوا، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ") - صلى الله عليه وسلم -؛ وهذا الكلام إخبارٌ بما سيقع، فوقع كما أخبر - صلى الله عليه وسلم -، فهو من المعجزات القوليّة، حيث أخبر بالمغيّب، فوقع كما أخبر.

قال النوويّ رحمه الله: هذا فيه معجزتان، ظاهرتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إحداهما: فعلية، والأخرى خبرية، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بهزيمتهم، ورماهم بالحصيات، فوَلَّوا مُدْبِرين، وذَكَر مسلم في الرواية الأخرى في آخر هذا الباب: أنه - صلى الله عليه وسلم - قَبَضَ قبضة من تراب، من الأرض، ثم استقبل بها وجوههم، فقال: "شاهت الوجوه"، فما خَلَق الله منهم إنسانًا، إلا ملأ عينيه ترابًا، من تلك القبضة، وهذا أيضًا فيه معجزتان: خبرية، وفعلية، ويَحْتَمِل أنه أخذ قبضة من حصى، وقبضة من تراب، فرمى بذا مرّة، وبذا مرّة، ويَحْتَمِل أنه أخذ قبضة واحدة. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ٩/ ٤٤٦ - ٤٤٧، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٣).
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١١٦.