للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مصدر، رَشَقَ: إذا رمى، وأما الرِّشْق بالكسر، فهو اسم للسهام التي تَرميها الجماعة دَفعةً واحدةً، قال النوويّ رحمه الله: وضَبَط القاضي الرواية هنا بالكسر، وضبطه غيره بالفتح، كما ذكرنا أوّلًا، وهو الأجود، وإن كانا جَيِّدين، وأما قوله في الرواية التي بعد هذه: "فَرَموه بِرِشْق، من نبل"، فهو بالكسر، لا غير، والله أعلم، قال أهل اللغة: يقال: رَشَقَه يَرْشُقُه، من باب نصر، ثلاثيًّا، وأرشقه، رُباعيًّا، والثلاثيّ أشهر، وأفصح. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: رَشَقْتُهُ بالسهم رَشْقًا، من باب قتل، وأرشقته بالألف لغةٌ: رميته به، والرِّشْقُ بالكسر: الوجهُ من الرمي، إذا رَمَى القومُ بأجمعهم جميعَ السهام، وحينئذ يقال: رَمَى القومُ رِشْقًا، وقال ابن دُريد: الرِّشْقُ: السهام نفسها التي تُرمَى، والجمع: أَرْشَاقٌ، مثلُ حِمْلٍ وأحمال، وربّما قيل: رَشَقته بالقول، وأرشقته. انتهى (٢).

(مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ)؛ أي: رميهم، (فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ)؛ أي: في ذلك الموضع الذي أصابهم الرشق، وفي بعض النسخ: "هنالك"، (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: منهزمين، ومتوجّهين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد بُيّن في هذه الرواية سبب انهزامهم، وهو كثرة عدد عدوّهم، وشدّة بأسهم، بحيث لا يستطيعون المدافعة عنهم، وقال في "الفتح": والعذر لمن انهزم من غير المؤلفة أن العدوّ كانوا ضُعفهم في العدد، وأكثر من ذلك، وكذلك بيّن السبب في رواية شعبة الثالثة: "وكانت هوازن يومئذ رُماةً، وإنا لَمّا حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام"، وكذلك بيّن في رواية زكريّا التالية: "وهم قومٌ رُماةٌ، فرموهم برِشْقٍ من نَبْلٍ، كأنها رِجْل من جراد، فانكشفوا".

وذكر ابن إسحاق من حديث جابر وغيره في سبب انكشافهم أمرًا آخر، وهو أن مالك بن عوف سبق بهم إلى حنين، فأعَدُّوا، وتَهَيَّؤا في مضايق الوادي، وأقبل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى انحطّ بهم الوادي في عَماية الصبح، فثارت في وجوههم الخيل، فشَدّت عليهم، وانكفأ الناس منهزمين.

وفي حديث أنس - رضي الله عنه - الآتي عند مسلم وغيره، من رواية سليمان التيميّ،


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١١٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٢٨.