عن السُّمَيط السّدوسيّ، عن أنس قال:"افتتحنا مكة، ثم إنا غزونا حُنينًا، قال: فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت، صفّوا الخيل، ثم المقاتلة، ثم النساء من وراء ذلك، ثم الغنم، ثم النَّعم، قال: ونحن بشر كثير، وعلى ميمنة خيلنا خالد بن الوليد، فجعلت خيلنا تلوذ خلف ظهورنا، فلم نلبث أن انكشفت خيلنا، وفرَّت الأعراب، ومن نَعْلَم من الناس".
وفي رواية للبخاريّ من رواية هشام بن زيد، عن أنس: قال: "أقبلت هوازن، وغطفان بذراريهم، ونَعَمهم، ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف، ومعه الطُّلَقاء، قال: فأدبروا عنه حتى بَقِي وحده … " الحديث.
قال الحافظ رحمه الله: ويُجْمَع بين قوله: "حتى بَقِي وحده"، وبين الأخبار الدالة على أنه بقي معه جماعة، بأن المراد: بقي وحده متقدِّمًا، مقبلًا على العدوّ، والذين ثبتوا معه، كانوا وراءه، أو الوحدة بالنسبة لمباشرة القتال، وأبو سفيان بن الحارث وغيره كانوا يخدُمونه في إمساك البغلة، ونحو ذلك، ووقع في رواية أبي نعيم في "الدلائل" تفصيل المائة: بضعة وثلاثون من المهاجرين، والبقية من الأنصار، ومن النساء أم سليم، وأم حارثة. انتهى (١).
وقوله:(وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ) جملة في محلّ نصب على الحال، وكذا قوله:(وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) بن هاشم، وهو ابن عم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان فيمن ثبت معه - صلى الله عليه وسلم -، وتقدّمت ترجمته قريبًا.
وعند ابن أبي شيبة من مرسل الحكم بن عتيبة، قال:"لَمّا فَرّ الناس يوم حنين، جعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:
فلم يبق معه إلا أربعة نفر، ثلاثة من بني هاشم، ورجل من غيرهم: عليّ، والعباس، بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من الجانب الأيسر، قال: وليس يُقبل نحوه أحد إلا قُتل.
ورَوَى الترمذيّ من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - بإسناد حسن قال: "لقد رأيتنا يوم حنين، وإن الناس لمولِّين، وما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل"، قال