الحافظ: وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد مَن ثبت يوم حنين.
ورَوَى أحمد، والحاكم، من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، قال:"كنت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فوَلَّى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلًا، من المهاجرين، والأنصار، فكنا على أقدامنا، ولم نُوَلِّهم الدُّبُر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة"، وهذا لا يخالف حديث ابن عمر، فإنه نفى أن يكونوا مائة، وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين.
وأما ما ذكره النوويّ في "شرح مسلم" أنه ثبت معه اثنا عشر رجلًا، فكأنه أخذه مما ذكره ابن إسحاق في حديثه أنه ثبت معه: العباس، وابنه الفضل، وعليّ، وأبو سفيان بن الحارث، وأخوه ربيعة، وأسامة بن زيد، وأخوه من أمه أيمن ابن أم أيمن، ومن المهاجرين أبو بكر، وعمر، فهؤلاء تسعة، وقد تقدم ذِكْرُ ابن مسعود في مرسل الحاكم، فهؤلاء عشرة، ووقع في شِعر العباس بن عبد المطلب أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط، وذلك قوله:
ولعل هذا هو الثبت، ومن زاد على ذلك يكون عَجِلَ في الرجوع، فعُدّ فيمن لم ينهزم.
وممن ذكر الزبير بن بكار وغيره أنه ثبت يوم حنين أيضًا: جعفر بن أبي سفيان بن الحارث، وقثم بن العباس، وعتبة، ومُعَتِّب ابنا أبي لهب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعَقِيل بن أبي طالب، وشيبة بن عثمان الْحَجَبيّ، فقد ثبت عنه أنه لما رأى الناس قد انهزموا استدبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليقتله، فأقبل عليه، فضربه في صدره، وقال له: قاتل الكفار، فقاتلهم حتى انهزموا.
قال الطبريّ: الانهزام المنهيّ عنه هو ما وقع على غير نية العود، وأما الاستطراد للكثرة، فهو كالتحيُّز إلى فئة. انتهى (١).
(يَقُودُ بِهِ) يقال: قَاد الرجلُ الفرسَ قَوْدًا، من باب قال، وقِيَادًا بالكسر،