للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقِيَادَةً، قال الخليل: القَوْدُ: أن يكون الرجل أَمَامَ الدابة، آخذًا بقِيَادها، والسَّوْق: أن يكون خلفها، فإن قَادَهَا لنفسه قيل: اقْتَادَهَا، ويُطلق على الخيل التي تُقَادُ بمقَاوِدِهَا، ولا تُركَب، قاله الأزهريّ، والمِقْوَدُ بالكسر: الحبلُ يُقادُ به، والجمع: مَقَاوِدُ، والقِيَادُ: مثل المِقْوَد، ومثله لِحَاف ومِلْحَفٌ، وإِزارٌ، ومِئْزرٌ. انتهى (١).

وفي رواية زكريّا: "وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته"، وفي رواية شعبة: "وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها"، وفي رواية للبخاريّ: "وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء".

(فَنَزَلَ)؛ أي: بغلته، (فَاسْتَنْصَرَ)؛ أي: دعا الله تعالى بالنصر، فقال: "اللهم أنزل نصرك"، وقع مصرَّحًا به في رواية زكريّا التالية.

(وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ) قال النوويّ رحمه الله: معناه: أنا النبيّ حقًّا، فلا أفِرّ، ولا أزول، وفي هذا دليل على جواز قول الإنسان في الحرب: أنا فلان، وأنا ابن فلان، ومثله قول سلمة - رضي الله عنه -: أنا ابن الأكوع، وقول عليّ - رضي الله عنه -: أنا الذي سَمَّتني أمي حَيْدَرَهْ، وأشباه ذلك، وقد صَرَّح بجوازه علماء السلف، وفيه حديث صحيح، قالوا: وإنما يُكره قول ذلك على وجه الافتخار، كفعل الجاهلية، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": فيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب، فكأنه قال: أنا النبيّ، والنبيّ لا يكذب، فلست بكاذب فيما أقول، حتى أنهزم، وأنا متيقن بأن الذي وعدني الله به من النصر حقّ، فلا يجوز عليّ الفرار، وقيل: معنى: "لا كذب أي: أنا النبيّ حقًّا، لا كَذِبَ في ذلك. انتهى.

[تنبيه]: قوله: "أنا النبي لا كذب … إلخ" قال ابن التين: كان بعض أهل العلم يقوله بفتح الباء، من قوله: "لا كذب"؛ لِيُخرجه عن الوزن.

وقد أجيب عن مقالته - صلى الله عليه وسلم - هذا الرجز بأجوبة:

[أحدها]: أنه نَظْم غيره، وأنه كان فيه:

أَنْتَ النَّبِيُّ لَا كَذِبْ … أَنْتَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٢٠.