للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٤ - (ومنها): استحباب الصعود على الصفا، وذِكْر الله - عز وجل - عليه، والدعاء بما شاء.

١٥ - (ومنها): استحباب رفع اليدين حال الدعاء، وهو من أسباب إجابته، فقد أخرج أبو داود بسند صحيح، عن سلمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ربكم - تبارك وتعالى - حَيِيٌّ كَرِيم، يستحي من عبده، إذا رفع يديه إليه، أن يَرُدّهما صِفْرًا".

١٦ - (ومنها): أن فيه بيان أن مكة فُتحت عنوة، لا صلحًا، وهو قول الجمهور، وخالف في ذلك الشافعيّ - رحمه الله -، فقال: إنها فُتحت صلحًا، والأرجح قول الجمهور؛ لوضوح حجّته، وسيأتي بيان الخلاف في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى - ومنه تعالى التوفيق، وعليه التكلان.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في فتح مكة: هل كان عَنْوَةً، أو صلحًا؟:

قال في "الفتح": وقد تمسَّك بهذه القصة - يعني: القصّة المذكورة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا - من قال: إن مكة فُتحت عَنْوَةً، وهو قول الأكثر، وعن الشافعيّ، ورواية عن أحمد: أنها فُتحت صلحًا؛ لما وقع هذا التأمين، ولإضافة الدور إلى أهلها، ولأنها لم تُقْسَم، ولأن الغانمين لم يملكوا دورها، وإلا لجاز إخراج أهل الدور منها.

وحجة الأولين: ما وقع من التصريح من الأمر بالقتال، ووقوعه من خالد بن الوليد، وبتصريحه - صلى الله عليه وسلم - بأنها أُحِلّت ساعة من نهار، ونهيه عن التأسي به في ذلك.

وأجابوا عن ترك القسمة بأنها لا تستلزم عدم العنوة، فقد تُفتح البلدة عنوة، ويُمَنّ على أهلها، ويُترك لهم دورهم، وغنائمهم؛ لأنَّ قسمة الأرض المغنومة ليست متفقًا عليها، بل الخلاف ثابت عن الصحابة - رضي الله عنهم -، فمَنْ بَعْدَهم، وقد فُتِحت أكثر البلاد عنوة، فلم تُقْسَم، وذلك في زمن عمر، وعثمان - رضي الله عنهما -، مع وجود أكثر الصحابة، وقد زادت مكة عن ذلك بأمر يُمكن أن يُدَّعَى اختصاصُها به دون بقية البلاد، وهي أنها دار النُّسُك، ومتعبَّد الخلق، وقد جعلها الله تعالى حَرَمًا، سواءٌ العاكفُ فيه والباد.