إِلَى الْمَنْزِل، وَلَمْ يُدْرِكْ طَعَامُنَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لَوْ حَدَّثْتَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يُدْرِكَ طَعَامُنَا، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْح، فَجَعَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُمْنَى، وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْبَيَاذِقَة، وَبَطْنِ الْوَادِي، فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ادْعُ لِي الأَنْصَارَ"، فَدَعَوْتُهُمْ، فَجَاءُوا يُهَرْوِلُونَ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَار، هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "انْظُرُوا إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَدًا أَنْ تَحْصِدُوهُمْ حَصْدًا"، وَأَخْفَى بِيَدِه، وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِه، وَقَالَ: "مَوْعِدُكُمُ الصَّفَا"، قَالَ: فَمَا أَشْرَفَ يَوْمَئِذٍ لَهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ، قَالَ: وَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّفَا، وَجَاءَتِ الأَنْصَارُ، فَأَطَافُوا بِالصَّفَا، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ، فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ، فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ، فَهُوَ آمِنٌ"، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِه، وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ. وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِه، وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِه، أَلَا، فَمَا اسْمِي إِذًا؟ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - أَنَا مُحَمَّدٌ، عَبْدُ الله، وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى الله، وَإِلَيْكُمْ، فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ"، قَالُوا: وَاللهِ مَا قُلْنَا إِلَّا ضِنًّا بِالله، وَرَسُولِه، قَالَ: "فَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ، وَيَعْذِرَانِكُمْ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ) أبو محمَّد السَّمَرْقَنديّ الحافظ، صاحب "المسند"، ثقةٌ فاضلٌ متقنٌ [١١] (ت ٢٥٥) وله (٧٤) سنةً (م د ت) تقدم في "المقدمة" ٥/ ٢٩.
٢ - (يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ) البصريّ، نزيل تِنِّيس، ثقةٌ [٩] (ت ٢٠٨) (خ م د ت س) تقدم في "الحيض" ٧/ ٧٢٣.
٣ - (حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) تقدّم في الباب الماضي.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله: (فَكَانَتْ نَوْبَتِي) "كان" هنا تامّة، بمعنى جاء، والنوبة - بفتح، فسكون -: اسمٌ مِنْ ناوبته مناوبةً: إذا ساهمته مُساهمةً، والجمع نُوَبٌ، مثلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute