الصلاة في السفر أنها فيما زاد على الثلاث، وأن الثلاث غير إقامة. انتهى (١).
٦ - (ومنها): أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين، وإن كان لا يظهر ذلك لبعض الناس في بادئ الرأي.
قال القاضي عياض: وفي هذا الحديث على الجملة جواز مصالحة الكفار لِمَا فيه من مصلحة المسلمين ومهادنتهم، ولم يختلفوا إذا دعت إلى ذلك ضرورة، إذا كان على غير شيء، أو على مال يأخذه منهم، فإن لم تدع إلى ذلك ضرورة، ولم يكن في العدوّ قوة إلا لما بذلوه من أموالهم، فأجاز ذلك جماعة، منهم الأوزاعيّ وغيره، ومنع ذلك مالك وأصحابه وعلماء أهل المدينة، وغيرهم؛ لِمَا فيه من ضيعة الثغور تلك المدّة، وأن المسلمين بمغاوراتهم وجيوشهم قد ينالون منهم أكثر من ذلك غالبًا، وإنما صالح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة؛ لقلّة أهل الإسلام حينئذ.
واختَلَف العلماء في أمَدِها: فمالك يرى ذلك مفوَّضًا إلى اجتهاد الإمام، ولا حدّ له من القلة والكثرة، إلا لِمَا يراه مصلحة لهم، والشافعيّ يحدّ أكثرها بعشرة أعوام لا يكون أكثر؛ لأنه الأمد الذي عاقد عليه - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة.
وقيل: إنما كان عاقدهم على ثلاث سنين، وقيل: على أربع.
قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن ما ذهب إليه مالك من الإطلاق، هو الظاهر؛ لعدم دليل يدلّ على التقييد بزمن معيّن، وإنما هو مجرد فعل من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
قال: فأما على ما يؤخذ من الكفار فجائز ما كان من مال، أو رؤوس من أحرارهم أو عبيدهم، وإن كانت مما يُغِيرون به، ويأخذونه من غيرهم، وهو قول الأوزاعيّ، وأحمد، وإسحاق، واخُتِلف إذا كان من أبنائهم ونسائهم، فمنعه أبو حنيفة قال: لأن الصلح وقع عليهم وعلى ذراريهم، وأجازه أصحاب مالك إذا كتبوا ذلك في شَرْط عهدهم، فإن لم يكتبوه فلا يجوز، ولهؤلَاء من العهد ما لرجالهم، ونحوه عن مالك.
واختُلِف إذا دعت ضرورة لشغل المسلمين بفتنة، أو غدر آخر، أو خوف