للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فلما انتهى - يعني: سهيل بن عمرو - إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جرى بينهما القول حتى وقع بينهما الصلح على أن توضع الحرب بينهما عشر سنين، وأن يأمن الناس بعضهم بعضًا، وأن يرجع عنهم عامَهُم هذا".

قال الحافظ - رحمه الله -: هذا القدر الذي ذكره ابن إسحاق أنه مدّة الصلح هو المعتمد، وبه جزم ابن سعد، وأخرجه الحاكم من حديث عليّ - رضي الله عنه - نفسِه، ووقع في "مغازي ابن عائذ" في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره أنه كان سنتين، وكذا وقع عند موسى بن عقبة.

ويُجْمَعُ بينهما بأن الذي قاله ابن إسحاق هي المدّة التي وقع الصلح عليها، والذي ذكره ابن عائذ وغيره هي المدّة التي انتهى أمر الصلح فيها، حتى وقع نقضه على يد قريش.

وأما ما وقع في "كامل ابن عديّ"، و"مستدرك الحاكم"، و"الأوسط" للطبرانيّ من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن مدّة الصلح كانت أربع سنين، فهو مع ضَعف إسناده منكَر، مخالف للصحيح.

قال: وقد اختَلَف العلماء في المدّة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين، فقيل: لا تُجاوز عشر سنين على ما في هذا الحديث، وهو قول الشافعيّ، والجمهور، وقيل: تجوز الزيادة، وقيل: لا تجاوز أربع سنين، وقيل: ثلاثًا، وقيل: سنتين، والأول هو الراجح. انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا)؛ أي: يدخل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه - رضي الله عنهم - مكة في العام المقبل.

وقوله: (فَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا)؛ أي: ثلاث ليال.

وقوله: (وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ) تقدّم الخلاف في ضبطه، ومعناه: الْجِراب، من الأَدَم، أو قِرَاب الغِمْدِ (٢).

وقوله: (السَّيْف، وَقِرَابِهِ) بالجر بدلٌ من "السلاح".


(١) "الفتح" ٦/ ٦٤٠ - ٦٤١، كتاب "الشروط" رقم (٢٧٣١).
(٢) "القاموس المحيط" ص ٢٢٦.