للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكذا، ونظيره: "كُلْ، وخُذْ"، وإنْ تقدّمه حرف عطف، فالمشهور ردّ الهمزة على القياس، فيقال: وأمر بكذا، قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} الآية [طه: ١٣٢]، ولا يُعرف في "كُلْ"، و"خُذْ" إلا التخفيف مطلقًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: ولا يُعرَف في "كُلْ"، و"خُذ" إلا التخفيف مطلقًا، قد أثبت فيهما أيضًا بقلّة ابن مالك - رحمه الله -، فقال في "لاميّته":

وَشَذَّ بِالْحَذْفِ "مُرْ" و"خُذْ" وَفَشَا … و"أمُرْ" وَمُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ "خُذْ" و"كُلَا"

وقوله: (قَالُوا لِعَلِيٍّ: هَذَا آخِرُ يَوْم مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَأْمُرْهُ، فَلْيَخْرُجْ، فَأخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "نَعَمْ"، فَخَرَجَ) قال النوويّ - رحمه الله -: هذا الحديث فيه حذف، واختصار، والمقصود أن هذا الكلام لم يقع في عام صلح الحديبية، وإنما وقع في السنة الثانية، وهي عمرة القضاء، وكانوا شارطوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في عام الحديبية أن يجيء بالعام المقبل، فيعتمر، ولا يقيم أكثر من ثلاثة أيام، فجاء في العام المقبل، فأقام إلى أواخر اليوم الثالث، فقالوا لعليّ - رضي الله عنه - هذا الكلامَ، فاختَصر الحديثَ، ولم يذكر أن الإقامة وهذا الكلام كانا في العام المقبل، واستغنى عن ذكره بكونه معلومًا، وقد جاء مبيّنًا في روايات أُخَر، مع أنه قد عُلِمَ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل مكة عام الحديبية، والله أعلم.

قال: فإن قيل: كيف أحوجوهم إلى أن يطلبوا منهم الخروج، ويقوموا بالشرط؟.

فالجواب: أن هذا الطلب كان قبل انقضاء الأيام الثلاثة بيسير، وكان عزم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه - رضي الله عنهم - على الارتحال عند انقضاء الثلاثة، فاحتاط الكفار لأنفسهم، وطلبوا الارتحال قبل انقضاء الثلاثة بيسير، فخرجوا عند انقضائها؛ وفاءً بالشرط، لا أنهم كانوا مقيمين، لو لم يُطْلَب ارتحالهم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَقَالَ ابْنُ جَنَابٍ … إلخ) بيّن به اختلاف شيخيه: إسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن جناب، فقال إسحاق في لفظة: "تَابَعْنَاكَ"، وقال أحمد: "بَايَعْنَاكَ".


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٣٨ - ١٣٩.