للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[النوع الثاني]: عملُ السيئات، فتُكتب السيئة بمثلها، من غير مضاعفةٍ، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: ١٦٠].

وقوله: "كُتِبت له سيئةً واحدةً" إشارةٌ إلى أنها غير مضاعفة، كما صَرّح به في حديث آخر، لكن السيئة تَعْظُم أحيانًا بشرف الزمان، أو المكان، كما قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ} [التوبة: ٣٦]، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس - رضي الله عنه - في هذه الآية: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}: في كلهنّ، ثم اختصّ من ذلك أربعة أشهر، فجعلهنّ حُرُمًا، وعَظَّم حرمتهنّ، وجَعَل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.

وقال قتادة في هذه الآية: اعلموا أن الظلم في الأشهر الحرُم أعظم خطيئة ووزرًا فيما سوى ذلك، وإن كان الظلم في كل حالٍ غيرَ طائل، ولكن الله تعالى يُعَظِّم من أمره ما يشاء، تعالى ربنا.

وقد رُوي في حديثين مرفوعين: أن السيئات تضاعف في رمضان، ولكن إسنادهما لا يصح.

وقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]، قال ابن عمر: الفسوق ما أُصيب من معاصي الله صيدًا كان أو غيره، وعنه قال: الفسوق إتيان معاصي الله في الحرم.

وقال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥].

وكان جماعة من الصحابة يتقون سُكْنَى الحرم خشيةَ ارتكاب الذنوب فيه، منهم ابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكذلك كان عمر بن عبد العزيز يفعل، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: الخطيئة فيه أعظم، ورُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: لأن أخطئ سبعين خطيئة - يعني بغير مكة - أحب إليّ من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكة، وعن مجاهد قال: تضاعف السيئات بمكة، كما تضاعف الحسنات، وقال ابن جريح: بلغني أن الخطيئة بمكة بمائة خطيئة، والحسنة على نحو ذلك.