للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (إِلَّا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ)؛ أي: سلكن بنا طريقًا سهلًا يوصلنا إلى الأمر الذي نعرف كونَهُ صالحًا لنا، ورافقًا بنا.

وقال في "الفتح": قوله: "أسهلن" بسكون اللام، بعد الهاء والنون المفتوحتين، والمعنى: أنزلننا في السهل من الأرض؛ أي: أفْضَيْنَ بنا، وهو كناية عن التحوّل من الشدّة إلى الفرج (١).

وقال عياض - رحمه الله -: استعارة من نزول السهل من الأرض، والخروج إلى السعة من الضيق، وإلى اللين من الشدة (٢).

وقوله: (إِلَّا أَمْرَكُمْ هَذَا)؛ يعني: أمر الفتنة التي وقعت بين المسلمين في صفّين وغيره، فإنها مشكلة حيث حَلَّت المصيبة بقتل المسلمين.

ومراد سهل - رضي الله عنه -: أنهم كانوا إذا وقعوا في شدّة يحتاجون فيها إلى القتال في المغازي، والثبوت، والفتوح العُمَرية، عَمَدُوا إلى سيوفهم، فوضعوها على عواتقهم، وهو كناية عن الجِدّ في الحرب، فإذا فعلوا ذلك انتصروا، وهو المراد بالنزول في السهل، ثم استثنى الحرب التي وقعت بصفِّين؛ لِمَا وقع فيها من إبطاء النصر، وشدّة المعارضة من حجج الفريقين؛ إذ حجة عليّ ومن معه ما شُرع لهم من قتال أهل البغي، حتى يرجعوا إلى الحقّ، وحجة معاوية، ومن معه ما وقع من قتل عثمان مظلومًا، ووجود قَتَلَتِه بأعيانهم في العسكر العراقيّ، فعظُمت الشبهة حتى اشتدّ القتال، وكثر القتل في الجانبين، إلى أن وقع التحكيم، فكان ما كان (٣).

وقوله: (لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ نُمَيْرٍ: إِلَى أَمْرٍ قَط) أراد به بيان اختلاف شيخيه: محمد بن العلاء، ومحمد بن نُمير، فالأول قال بعد قوله: "على عواتقنا": "إلى أمر قطّ"، والثاني لم يذكر ذلك في روايته.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.


(١) "الفتح" ١٧/ ١٩١، كتاب "الاعتصام" رقم (٧٣٠٨).
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ١٥٥.
(٣) "الفتح" ١٧/ ١٩١ - ١٩٢، كتاب "الاعتصام" رقم (٧٣٠٨).