حميّتهم أنهم لم يُقِرّوا أنه نبيّ الله، ولم يقرّوا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت. انتهى.
(الفائدة الثانية): قد تكلّم الإمام ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ - على الفوائد، والحكم التي تضمّنها صلح الحديبية، فقال - رَحِمَهُ اللهُ -:
فصل: في بعض ما في قصة الحديبية من الفوائد الفقهية:
١ - (فمنها): اعتمار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أشهر الحجّ، فإنه خرج إليها في ذي القعدة.
٢ - (ومنها): أن الإحرام بالعمرة من الميقات أفضل، كما أن الإحرام بالحج كذلك، فإنه أحرم بهما من ذي الحليفة، وبينها وبين المدينة ميل أو نحوه، وأما حديث:"من أحرم بعمرة من بيت المقدس غُفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر"، وفي لفظ:"كانت كفارةً لِمَا قبلها من الذنوب"(١)، فحديث لا يثبت، وقد اضطُرب فيه إسنادًا ومتنًا اضطرابًا شديدًا.
٣ - (ومنها): أن سوق الهدي مسنون في العمرة المفردة، كما هو مسنون في القران.
٤ - (ومنها): أن إشعار الهدي سُنَّةٌ، لا مُثلةٌ منهيّ عنها.
٥ - (ومنها): استحباب مغايظة أعداء الله، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهدى في جملة هديه جملًا لأبي جهل في أنفه بُرَةٌ من فضة، يُغيظ به المشركين، وقد قال تعالى في صفة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه:{وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}[الفتح: ٢٩]، وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[التوبة: ١٢٠].
٦ - (ومنها): أن أمير الجيش ينبغي له أن يبعث العيون أمامه نحو العدوّ.
٧ - (ومنها): أن الاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند
(١) رواه أبو داود (١٧٤١)، وابن ماجه (٣٠٠١ - ٣٠٠٢)، وابن حبّان (١٠٢١)، وفي سنده مجهولان.