وقيل: هم أهل خيبر، وحلفاؤهم الذين أرادوا نصرهم من أسد، وغطفان.
والصحيح تناول الآية للجميع.
وقوله:{وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}[الفتح: ٢٠] قيل: هذه الفعلة التي فعلها بكم، وهي كفّ أيدي أعدائكم عنكم، مع كثرتهم، فإنهم حينئذ كان أهل مكة ومن حولها، وأهل خيبر ومن حولها، وأسد، وغطفان، وجمهور قبائل العرب أعداء لهم، وهم بينهم كالشامة، فلم يصلوا إليهم بسوء، فمن آيات الله سبحانه كفّ أيدي أعدائهم عنهم، فلم يصلوا إليهم بسوء، مع كثرتهم، وشدة عداوتهم، وتولي حراستهم، وحِفْظِهم في مشهدهم ومَغِيبهم.
وقيل: هي فتح خيبر، جعلها آية لعباده المؤمنين، وعلامة على ما بعدها من الفتوح، فإن الله سبحانه وعدهم مغانم كثيرة، وفتوحًا عظيمة، فعَجّل لهم فتح خيبر، وجعلها آية لِمَا بعدها، وجزاءً لصبرهم ورضاهم يوم الحديبية، وشكرانًا، ولهذا خُصّ بها وبغنائمها من شهد الحديبية.
ثم قال:{وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[الفتح: ٢٠] فجمع لهم إلى النصر والظفر والغنائم الهداية، فجعلهم مهديين، منصورين، غانمين، ثم وعدهم مغانم كثيرة، وفتوحًا أخرى، لم يكونوا ذلك الوقت قادرين عليها، فقيل: هي مكة، وقيل: هي فارس والروم، وقيل: الفتوح التي بعد خيبر من مشارق الأرض ومغاربها.
ثم أخبر سبحانه أن الكفار لو قاتلوا أولياءه لولى الكفار الأدبار، غير منصورين، وأن هذه سُنَّته في عباده قبلهم، ولا تبديل لسُنَّته.
[فإن قيل]: فقد قاتلوهم يوم أُحد، وانتصروا عليهم، ولم يولوا الأدبار؟.
[قيل]: هذا وعد معلَّق بشرط مذكور في غير هذا الموضع، وهو الصبر والتقوى، وفات هذا الشرط يوم أحد بفشلهم المنافي للصبر، وتنازعهم وعصيانهم المنافي للتقوى، فصرفهم عن عدوهم، ولم يحصل الوعد؛ لانتفاء شرطه.
ثم ذكر - سبحانه - أنه هو الذي كفّ أيدي بعضهم عن بعض من بعد أن أظفر المؤمنين بهم لِمَا له في ذلك من الحكم البالغة التي منها: أنه كان فيهم