للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؛ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، فَسَكَتْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْم؟ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، فَسَكَتْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("قُمْ يَا حُذَيْفَةُ، فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْم"، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا) بضمّ الموحّدة؛ أي: غنًى، وكفاية، يقال: لا بُدّ من كذا؛ أَي: لا مَحِيدَ عنه، ولا يُعرف استعماله إلا مقرونًا بالنفي، قاله الفيّومي (١).

والمعنى: لم أجد من يكفيني، ويقوم مقامي في ذلك، (إِذْ) تعليليّة؛ أي: لأنه - صلى الله عليه وسلم - (دَعَانِي بِاسْمِي)؛ أي: عيّنني باسمي الخاصّ، وقوله: (أَنْ أَقُومَ) في تأويل المصدر مجرور بـ "من" مقدّرة متعلّق بـ "ببُدًّا"، (قَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْم، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ) - بفتح التاء المثنّاة فوقُ، وسكون الذال المعجمة، وفتح العين المهملة: يقال: ذَعَرته ذَعْرًا، من باب نَفَعَ: أفزعته، والذُّعْرُ بالضمّ اسم منه (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: لا تُفزعهم، ولا تحرّكهم، فتُهيّجهم عليّ، وقيل: معناه: لا تُنفّرهم، وهو قريب من المعنى الأول، والمراد: لا تحرّكهم عليك، فإنهم إن أخذوك كان ذلك ضررًا عليّ؛ لأنك رسولي، وصاحبي. انتهى (٣).

(فَلَمَّا وَلَّيْتُ)؛ أي: أدبرتُ وذهبت، (مِنْ عِنْدِهِ) - صلى الله عليه وسلم -، (جَعَلْتُ)؛ أي: شرعت، وأخذت (كَأَنَّمَا أَمْشِي في حَمَّامٍ) - بفتح الحاء المهملة، وتشديد الميم - قال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْحَمّامُ؛ كشدّاد: الدِّيماسُ (٤)، مذكّرٌ (٥)، جمعه حمّامات". انتهى (٦).


(١) "المصباح المنير"" ١/ ٢٠٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣٨.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٤٥.
(٤) في "القاموس": الدِّيْمَاسُ - أي: بالفتح - ويُكسر: الْكِنُّ، والسَّرَبُ، والْحَمَّامُ. اهـ.
(٥) وكونه مذكّرًا هو الذي سيأتي عن "القاموس"، وهو الذي مشى عليه في شرحه "التاج"، وما قاله الفيّومي من أن تأنيثه هو الأغلب، نقل في "التاج" عن بعضهم تغليطه، فليُراجع.
(٦) "القاموس المحيط" ص ٣٢٣.