للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يا نبي الله كنا نتمنّى هذا اليوم، وأبى كثير من الناس إلا الخروج، فلما صلى الجمعة، وانصرف دعا باللَّأَمَة، فلبسها، ثم أَذَّن في الناس بالخروج، فنَدِم ذوو الرأي منهم، فقالوا: يا رسول الله امكُث كما أمرتنا، فقال: "ما ينبغي لنبيّ إذا أَخَذَ لَأَمَةَ الحرب أن يرجع حتى يقاتل".

فخرج بهم، وهم ألف رجل، وكان المشركون ثلاثة آلاف، حتى نزل بأُحُد، ورجع عنه عبد الله بن أبي ابنُ سَلُول في ثلاثمائة، فبقي في سبعمائة، فلما رجع عبد الله سقط في أيدي طائفتين من المؤمنين، وهما بنو حارثة، وبنو سَلِمة، وَصَفّ المسلمون بأصل أُحد، وصفّ المشركون بالسَّبِخة، وتَعَبَّوا للقتال، وعلى خيل المشركين، وهي مائة فرس خالد بن الوليد، وليس مع المسلمين فَرَس.

وصاحب لواء المشركين طلحة بن عثمان، وأَمَّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جبير على الرُّماة، وهم خمسون رجلَا، وعَهِد إليهم أن لا يتركوا منازلهم.

وكان صاحب لواء المسلمين مصعب بن عُمير، فبارز طلحة بن عثمان فقتله، وحَمَل المسلمون على المشركين حتى أجهضوهم عن أثقالهم، وحَملت خيل المشركين، فنضحتهم الرُّماة بالنَّبْل ثلاث مرات، فدخل المسلمون عسكر المشركين، فانتبهوهم، فرأى ذلك الرماة، فتركوا مكانهم، ودخل العسكر، فأبصر ذلك خالد بن الوليد، ومن معه، فحملوا على المسلمين في الخيل، فمزقوهم، وصَرَخ صارخ: قُتل محمد، أخراكم، فعَطَف المسلمون يقتل بعضهم بعضًا، وهم لا يشعرون، وانهزم طائفة منهم إلى جهة المدينة، وتفرق سائرهم، ووقع فيهم القتل، وثبت نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - حين انكشفوا عنه، وهو يدعوهم في أُخراهم، حتى رجع إليه بعضهم، وهو عند الْمِهْراس في الشِّعْب، وتوجه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يلتمس أصحابه، فاستقبله المشركون، فَرَمَوا وجهه، فأدموه، وكسروا رَبَاعيته، فَمَرّ مصعدًا في الشِّعب، ومعه طلحة، والزبير، وقيل: معه طائفة من الأنصار، منهم سهل ابن بيضاء، والحارث بن الصِّمّة، وشُغل المشركون بقتلى المسلمين، يُمثِّلون بهم، يقطعون الآذان، والأنوف، والفروج، وَيبقُرون البطون، وهم يظنون أنهم أصابوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأشراف أصحابه، فقال أبو سفيان، يفتخر بآلهته: اعْلُ هُبَل، فناداه عمر: الله أعلى وأجلّ، ورجع