للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سبعة (مِنَ الأَنْصَارِ)، وقوله: (وَرَجُلَيْنِ) بالجرّ عطفًا على سبعة، (مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَهِقُوهُ)؛ أي: غَشيه العدوّ، ولَحِقوه، وهو مكسور الهاء ثلاثيًّا، ويقال: أرهقه رباعيًّا، بمعناه، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: ٧٣]، قال ابن الأعرابيّ: رَهِقْتُهُ، وأرهقته بمعنى واحد، ذكره القرطبيّ (١).

وقال النوويّ: قوله: "فلما رَهِقُوه" هو بكسر الهاء؛ أي: غَشُوه، وقَرُبُوا منه، يقال: أرهقه؛ أي: غَشِيه، قال صا حب "الأفعال": رَهِقْتُهُ، وأرهقته؛ أي: أدركته، قال القاضي عياض في "المشارق": قيل: لا يُستعمل ذلك إلا في المكروه، قال: وقال ثابتٌ: كلُّ شيء دَنَوْتَ منه، فقد رَهِقْتَه، والله أعلم. انتهى (٢).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَنْ يَرُدُّهُمْ)؛ أي: المشركين الذي رَهِقُوه، (عَنَّا، وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ) للشكّ من الراوي؛ أي: أو قال (هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟) "، فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَار، فَقَاتَلَ، حَتَّى قُتِلَ) بالبناء للمفعول، (ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضًا)؛ أي: غَشُوه مرّةً أُخرى (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا، وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟ "، فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَار، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ)، وفي "سيرة ابن هشام": قال ابن إسحاق: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين غَشِيه القوم: "مَن رجلٌ يشري لنا نفسه؟ "، قال: فقام زياد بن السَّكَن في نفر خمسة من الأنصار، وبعض الناس يقول: إنما هو عُمارة بن يزيد بن السكن، فقاتلوا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا، ثم رجلًا، يُقتَلون دونه، حتى كان آخرَهم زيادٌ، أو عمارةُ، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، ثم فاءت فئة من المسلمين، فأجهضوهم عنه (٣)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أدنوه مني"، فأدنوه منه، فوَسَّده قَدَمَه، فمات، وخدّه على قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٤).

وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - في ترجمة زياد بن السكن: رَوَى ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق بسنده، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا لحمه القتال يوم أُحد، وخَلَص إليه، ودنا منه الأعداء ذَبّ


(١) "المفهم" ٣/ ٦٤٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٤٧.
(٣) أي: نَحَّوْهم عنه، وغلبوهم.
(٤) "سيرة ابن هشام" ٢/ ٨٠.