للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنه المصعب بن عمير، حتى قُتل، وأبو دُجانة سماك بن خَرَشة، حتى كثرت فيه الجراح، وأصيب وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثلمت رَباعيته، وكُلمت شفته، وأصيبت وَجْنَته، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر يومئذ بين درعين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن رجل يبيع لنا نفسه؟ "، فوَثَب إليه فتية من الأنصار خمسة، منهم زياد بن السكن، فقاتلوا، حتى كان آخرهم زياد بن السكن، فقاتل حتى أُثبت، ثم ثاب إليه ناس من المسلمين، فقاتلوا عنه، حتى أجهضوا عنه العدوّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزياد بن السكن: (ادْنُ مني" - وقد أثبتته الجراحة - فوسّده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدمه، حتى مات عليها.

قال: وأخرج هذا الخبر الطبريّ بسنده، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن قال: فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار، وبعض الناس يقول: إنما هو عُمارة بن زياد السكن. انتهى (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِصَاحِبَيْهِ)؛ يعني: بهما القرشيين المذكورين في أول الحديث، ("مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا) " قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الرواية المشهورة فيه: "ما أنصفنا" بإسكان الفاء، و"أصحابَنَا" منصوب، مفعول به، هكذا ضبطه جماهير العلماء، من المتقدمين، والمتأخرين، ومعناه: ما أنصفت قريشٌ الأنصار؛ لكون القرشيين لم يخرجا للقتال، بل خرجت الأنصار واحدًا بعد واحد، وذكر القاضي عياض وغيره: أن بعضهم رواه: "ما أنصَفَنا" بفتح الفاء، والمراد على هذا: الذين فَرُّوا من القتال، فإنهم لم يُنصفوا؛ لفرارهم. انتهى (٢).

وقال في "المشارق": "ما أنصفنا أصحابنا" كذا رويناه عن الأسديّ، بسكون الفاء، وفتح الباء، ورواه بعضهم: "أنصفَنا أصحابُنا" بفتح الفاء، ورفع الباء، والصواب الرواية الأولى، ومساق الخبر يدلّ على ترجيح هذه الرواية. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الاستيعاب" لابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - ١/ ١٥٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٣) "مشارق الأنوار" ٢/ ٣٥٧.